للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علمه فلو علقت على شرط‍ يمكن معرفته والوقوف عليه كأن يقول: لفلان على ألف ان دخل الدار او ان جاء زيد او ان شاء فلان او نحو ذلك لا يصح الاقرار. اما ان علقت على مشيئة الله تعالى بأن يقول: لفلان على الف درهم ان شاء الله تعالى فانه يصح ويلزمه المقر به لان هذا ليس فى معنى التعليق حقيقة اذ ان مشيئة الله تعالى تذكر فى الكلام على سبيل التبرك والصلة والتفويض كما فى قوله تعالى «لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) وقد علم الله تعالى فى انهم سيدخلون بغير شك.

وعلى فرض التسليم بانه فى معنى التعليق.

فأن مشيئة الله تعالى لا تعلم الا بوقوع الامر المعلق فلا يمكن وقف الامر على وجودها بخلاف مشيئة الآدمى فانه يمكن العلم بها فيمكن جعلها شرطا يتوقف الامر على وجودها ومتى علق الاقرار على شرط‍ يمكن معرفته فانه يبطل ولا يكون صحيحا (١). وان قال: لك على ألف ان شاء الله تعالى كان مقرا بالألف نص عليه أحمد. وقال أصحاب الشافعى:

ليس باقرار لأنه علق اقراره على شرط‍ فلم يصح كما لو علقه على مشيئة زيد. ولان ما علق على مشيئة الله تعالى لا سبيل الى معرفته.

ولنا: انه وصل اقراره بما يرفعه كله ولا يصرفه الى غير الاقرار فلزمه ما اقر به وبطل ما وصله به كما لو استثنى الكل وقال:

له على الف الا الفا حيث يبطل الاستثناء ويصح الاقرار. ولانه قيد الاقرار بما لا يفيد حكما اخر ولا يقضى رفع الحكم أشبه بما لو قال:

له على الالف فى مشيئة الله .. وان قال: له على الف الا ان يشاء الله صح الاقرار لانه اقر ثم علق رفع الاقرار وعلى امر لا يعلم فلم يرتفع.

وان قال: لك على الف ان شئت او ان شاء زيد لم يصح الاقرار .. وقال القاضى:

يصح لانه عقبه بما يرفعه فصح الاقرار دون ما يرفعه كاستثناء الكل وكما لو قال: ان شاء الله ..

ولنا: انه علقه على شرط‍ يمكن علمه فلم يصح. كما لو قال: له على الف ان شهد بها فلان. وذلك لان الاقرار اخبار بحق سابق فلا يتعلق على شرط‍ مستقبل .. ويفارق التعليق على مشيئة الله تعالى من وجهين.

الأول: أن مشيئة الله تعالى تذكر فى الكلام تبركا وصلة وتفويضا الى الله تعالى لا للاشتراط‍ كقول الله تعالى «لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون»، فجعل من دون ذلك فتحا قريبا. وقد علم الله انهم سيدخلون بغير شك. ويقول الناس: صلينا ان شاء الله تعالى مع تيقنهم صلاتهم بخلاف مشيئة الآدمى.

الثانى: ان مشيئة الله تعالى لا تعلم الا بوقوع الامر فلا يمكن وقف الامر على وجودها .. ومشيئة الادمى يمكن العلم بها فيمكن جعلها شرطا يتوقف الامر على وجودها والماضى لا يمكن وقفه فيتعين حمل الامر ههنا على المستقبل فيكون وعدا لا اقرارا .. وان


(١) المغنى لابن قدامه ج‍ ٥ ص ٣٤٩، ٣٥١.