للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى بيان ذلك يقول صاحب «طلعة الشمس» الإباضى: من شروط‍ الإجماع أن يكون للمجمعين مستند يستندون إليه من كتاب أو سنة أو اجتهاد سواء أكان ذلك المستند قطعيا أم ظنيا، فإن علمنا مستندهم كان ذلك زيادة لنا فى الاطمئنانية وتوسعا فى العلم، وإن جهلناه مع حصول الإجماع منهم وجب علينا أن نحسن الظن بهم. وأنهم لم يجمعوا إلا وعندهم مستند من قبل الشارع (١).

وحكى عبد الجبار عن قوم أنه يجوز أن يكون عن غير مستند، وذلك بأن يوفقهم الله لاختيار الصواب من دون مستند، وهذا الرأى قرر العلماء ضعفه (٢).

واعتبره الآمدى شذوذا.

وفى طلعة الشمس: أنه قول لبعض أهل الأهواء (٣).

والقائلون بأنه لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند قد اتفقوا على صحة الإجماع وثبوت حجيته إذا كان المستند دليلا قاطعا (٤) إلا ما روى عن بعض العلماء من أنه إذا كان الدليل متواترا مفيدا للمعنى المجمع عليه فإن الحكم يكون ثابتا به، ولا يحتاج إلى إثباته بالإجماع (٥).

أما المستند الظنى فقد اختلف العلماء فى صحة جعله مستندا للإجماع.

قال الحنفية: قد يكون سبب الإجماع من أخبار الأحاد كإجماعهم على عدم جواز بيع الطعام قبل القبض استنادا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الطعام قبل القبض».

وقد يكون سبب الإجماع قياسا، كإجماعهم على حرمة الربا فى الأرز استنادا إلى القياس على الأشياء الستة التى هى البر والشعير .. إلخ.

ثم أجمعوا على هذا القياس، فصار القياس بمعاضدة الإجماع قطعيا (٦)، وإلى هذا ذهب أيضا: الشافعية (٧)، والمالكية (٨)، والحنابلة (٩)، والزيدية (١٠)، والإباضية (١١)، وذهب الظاهرية إلى أنه لا يصح اعتبار القياس مستندا للإجماع وذلك بناء على أصلهم فى إنكار القياس، ووافقهم محمد ابن جرير الطبرى فى جانب فقال: إن القياس حجة، ولكن الإجماع إذا صدر عنه لم يكن مقطوعا بصحته، وليس القياس فى رأيه كخبر الواحد، لأن الصحابة أجمعوا على خبر الواحد بخلاف القياس (١٢).

وفصل بعضهم بين أن يكون القياس جليا فيصلح مستندا، أو خفيا فلا يصلح، ونقل هذا عن بعض الشافعية (١٣).


(١) طلعة الشمس ج‍ ٢ ص ٨٣، ٨٤.
(٢) إرشاد الفحول ص ٧٥.
(٣) طلعة الشمس ج‍ ٢ ص ٨٤.
(٤) المرجع السابق.
(٥) شرح النسفى على المنار ج‍ ٢ ص ١١٠ وكذلك شرح ملاجيون فى الموضع نفسه.
(٦) المصدر السابق.
(٧) شرح الإسنوى ج‍ ٣ ص ٩٢٣.
(٨) الذخيرة ج‍ ١ ص ١١٠.
(٩) روضة الناظر ج‍ ١ ص ٣٨٥.
(١٠) هداية العقول ج‍ ١ ص ٥٧٤.
(١١) طلعة الشمس ج‍ ٢ ص ٨٤.
(١٢) إرشاد الفحول ص ٧٥ وغيره من مراجع الأصول.
(١٣) المصدر السابق.