البينة فانها حجة متعدية يلزم بها الغير ويحكم عليه بمقتضاها.
أخرج الطبرانى مسندا الى ابن عباس رضى الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة اذ اتى رجل فتخطى الناس حتى قرب اليه فقال: يا رسول الله: أقم على الحد. فقال: اجلس فجلس.
ثم قال الثانية: فقال: يا رسول الله: أقم على الحد. فقال النبى أجلس فجلس ثم قال الثالثة: فقال: يا رسول الله: أقم على الحد قال الرسول: وما حدك.؟ قال: أتيت أمرأة حراما. فقال صلّى الله عليه وسلّم لعلى وابن عباس وزيد بن حارثة. وعثمان بن عفان رضى الله عنهم: انطلقوا به فاجلدوه. ولم يكن تزوج. فقيل: يا رسول الله - الا تجلد التى جنيت بها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صاحبتك؟ قال؟ قال: فلانة فدعاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألها. فقالت: يا رسول الله: كذب على.
والله انى لا أعرفه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاهدك.: فقال: يا رسول الله ما لى شاهد. فأمر به النبى صلّى الله عليه وسلم. فجلد حد الفرية ثمانين جلدة .. فقصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اقراره بالزنا على نفسه. وامر بضربه حد الزنا. ولم يعتبر اقراره على المرأة واعتبر قاذفا لها اذ لم يأت بشهود على ما رماها به من الزنا وضربه حد القذف.
وقد رأى الحنفية أن كون الاقرار حجة قاصرة على المقر هو الاصل العام وهو ما أخذ به الائمة والفقهاء فى المذاهب الاخرى وقد خرج عن هذا الاصل عند الحنفية بعض مسائل ذكرها صاحب الدر المختار وصاحب تكملة حاشية ابن عابدين الاقرار:
منها: ما اذا أقرت الحرة المكلفة بدين لغير زوجها. وكذبها الزوج فى الاقرار. فان اقرارها يصح ويقبل فى حق نفسها وفى حق زوجها أيضا عند أبى حنيفة فتحبس فى الدين وتلازم ان ما طلت فيه وان تضرر الزوج بالحبس والملازمة لان ذلك يحول دون استمتاعه بها. وعند الصاحبين لا يقبل اقرارها فى حق الزوج فلا تحبس ولا تلازم لان فى ذلك منعا له من الاستمتاع بها. ويأمرها القاضى بأداء الدين ويبيع من مالها ما يباع فى الدين … وذكر صاحب الدر بحثا انه ينبغى التعويل على قول الصاحبين. ولكن نقل فى التكملة: ان المعول عليه قول الامام.
ومنها: اذا اقر المؤجر بدين لا وفاء له الا من ثمن العين المؤجرة صح الاقرار فى حقه وفى حق المستأجر. وكان للدائن أن يبيع العين المؤجرة أو يستوفى دينه من ثمنها. وان تضرر المستأجر من فوات الاجارة - لذهاب العين المستأجرة.
ومنها: اذا اقرت مجهوله النسب بأنها بنت ابى زوجها او بنت جده وصدقها الاب او الجد فى الاقرار. وكذبها الزوج فيه صح اقرارها فى حق نفسها وفى حق الزوج رغم تكذيبه وانفسخ النكاح بينها وبينه لأن مقتضى الاقرار أنها اخته أو عمته فتكون محرمة عليه على التأييد. ويكون النكاح غير صحيح شرعا.