للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه قولهما أن الاقرار يقبل بدون شهادة على العقد أنه ان أقر بعقد يملك انشاءه فيصدق فيه من غير شهود كما لو أقر السيد بتزويج أمته ولا شك أن الولى أقر بعقد يملك لانه يملك انشاء النكاح على الصغير والصغيرة والعبد ونحو ذلك. واذا ملك انشاءه لم يكن متهما فى الاقرار فيصدق كالمولى اذا أقر بالفئ فى مدة الايلاء. وزوج المعتدة اذا قال فى العدة:

راجعتك لما قلنا من أنه يملك الانشاء فيصدق فى الاقرار كذا هذا ..

ولأبى حنيفة قول النبى صلى الله عليه وسلم. لا نكاح الا بشهود .. نفى النكاح بغير شهود من غير فصل بين الانعقاد والظهور بل الحمل على الظهور أولى لان فيه عملا بحقيقة اسم الشاهد اذ هو اسم الفاعل - الشهادة وهو المؤدى لها. والحاجة الى الاداء عند الظهور لا عند الانعقاد. ولانه أقر على الغير جميعا لا يملكه بعقد لا يتم به وحده. وانما يتم به وبشهادة الآخرين فلا يصدق الا بمساعدة آخرين قياسا على الوكلاء الثلاثة فى النكاح والبيع. ودلالة الوصف انه اقر بالنكاح والاقرار بالنكاح اقرار بمنافع البعض وانها غير مملوكة ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة كان المهر لها لا للاب. بخلاف الأمة فأن منافع بضعها مملوكة. فكان ذلك اقرارا بما ملك.

فأبو حنيفة اعتبر ولاية العقد وملك المعقود عليه. والصاحبان اعتبرا ولاية العقد فقط‍.

وفى فتح القدير على شرح الهداية (١): اقرار الولى على الصغير والصغيرة بالتزويج لا يصدق عند ابى حنيفة الا ببينة أو يدرك الصغير فيصدقه معناه: اذا ادعى الزوج ذلك عند القاضى وصدقه الاب .. وعندهما يثبت النكاح باقراره - قال فى المصفى عن أستاذه الشيخ حميد الدين: أن الخلاف فيما اذا اقر الولى فى صغرهما فان اقراره موقوف الى بلوغهما. فاذا بلغا وصدقاه ينفذ اقراره. والا يبطل.

وعندهما ينفذ فى الحال. وقال انه أشار اليه فى المبسوط‍. وقال وهو الصحيح وقيل الخلاف فيما اذا بلغ الصغير وانكر النكاح فأقر الولى .. أما لو أقر بالنكاح فى صغره صح اقراره كذا فى المغنى .. وفى مبسوط‍ شيخ الاسلام:

اذا أقر الأب على الصغير والصغيرة. على قوله لا يصدق الا ببينة وان صدقه الزوج فى ذلك أو المرأة. وعلى قولهما يصدق من غير بينة على العقد .. فان قيل: على من تقام البينة ولا تقبل الا على منكر يعتبر انكاره. والمنكر هو الصبى أو الصبية ولا عبرة بانكارهما ..

والأب والزوج أو المرأة مقران .. قلنا ينصب القاضى خصما عن الصغير أو الصغيرة حتى ينكر فيقيم الزوج البينة فيثبت النكاح على الصغير والصغيرة .. والذى يظهر ان قول من قال: أن الخلاف فيما اذا بلغا فأنكرا النكاح.

أما اذا أقر عليهما فى صغرهما يصح بالاتفاق أوجه .. واقرار وكيل رجل أو امرأة بتزويجهما واقرار مولى العبد بتزويجه على هذا الخلاف.

فأما اقرار السيد بتزويج امته فنافذ اتفاقا ويؤخذ من هذا أن الصاحبين يريان أن اقرار الولى بالنكاح على الصغير والصغيرة صحيح وحجة عليهما يعمل بها سواء أكانت الدعوى فى حال الصغر أم كانت فى حالة الكبر. وان أبا حنيفة يخالفهما فى الحالين معا حال الصغر


(١) فتح القدير على شرح الهداية للكمال ابن الهمام ج‍ ٢ ص ٤١٤، ص ٤١٥.