وهذا ينافى أنه يمنع من التبرعات واذا لم يزد الدين على المال. ولكن يفى من المال فى يد المدين ما لا يفى بالمؤجل من الدين فقال اللخمى يفلس وهو المذهب. وقال المازرى لا يفلس لأن الديون المؤجلة لا يفلس بها. وذلك كمن عليه مائتان مائة حالة ومائة مؤجلة ومعه مائة وخمسون فالباقى بعد وفاء المائة الحالة لا يفى بالدين المؤجل فيفلس ولو أتى بحميل ويترتب على الفلس بمعناه الأخص وهو حكم الحاكم بخلع مال المفلس للغرماء. وعلى الفلس بمعناه الأعم وهو قيام الغرماء وحبسهم اياه أحكام أربعة الاول منع المفلس من التصرف المالى فى ماله كالبيع والشراء والاجارة. وأما منعه من التبرعات فأنه يحصل قبل الفلس بمعقليه بمجرد احاطة الدين بماله والثانى بيع ما وجد من ماله لحق الغرماء. والثالث حبسه عند الامتناع عن وفاء الدين مع القدرة على ذلك.
أى أن الحبس انما يكون عند جهل حاله حتى يثبت عدم اقتداره لاحتمال أنه أخفى ماله ..
والرابع أخذ الغريم عين ماله الذى يجده عند المفلس.
فبالنسبة للحكم الاول يمنع المفلس بالمعنى الأخص من تصرف مالى كبيع وشراء وكراء واكتراء ولو بغير محاباة ولا يمنع من التصرف فى ذمته كما لو التزم شيئا لغير رب الدين ان ملكه ثم ملكه فلا يمنع من دفعه اليه حيث ملكه بعد وفاء دينهم ولا يمنع من تصرف غير مالى كخلعه امرأته على مال لما فيه من أخذ المال وطلاقه زوجته وان ادى الى حلول مؤخر الصداق لما فيه من تخفيف المؤنة عنه. والمطلقة تحاصص بمؤخر صداقها سواء طلقها أو لم يطلقها فليس الطلاق موجبا لذلك ولا يمنع من ان يأخذ بالقصاص ممن جنى عليه او على وليه عمدا اذ ليس مالا بالاصالة لأن الواجب فيه على مذهب ابن القاسم اما القصاص أو العفو مجانا ..
وليس للمجنى عليه او عاقلته الزام الجانى بالدية. نعم لهم التراضى عليها وله العفو عن قصاص أو حد مما لا مال فيه بخلاف الخطأ والعمد الذى فيه مال مقرر فللغرماء منعه من العفو عن ذلك مجانا .. ويحل بالفلس الأخص أى ما كان بحكم الحاكم بخلع المال وبموت المدين ما أجل عليه من الدين لخراب ذمته فيهما فلو طلب بعض الغرماء بقاء دينه مؤجلا لم يجب الى ذلك لأن للمدين حقا فى تخفيف ذمته بحكم الشرع أما لو طلب جميع الغرماء بقاء ديونهم مؤجلة فلهم ذلك. وهذا هو المشهور من المذهب. ومقابله أن الدين المؤجل لا يحل بالمفلس ولا بالموت وحلول المؤجل بالفلس والموت ما لم يشترط المدين وعدم حلوله بهما وما لم يكن الموت بسبب قتل الدائن المدين عمدا. فان كان كذلك لم يحل المؤجل بهما - ولا يحل المؤجل بموت رب الدين او فلسه.
وقبل اقرار المفلس بالتعيين الاخص والاعم أى الذى حكم الحاكم بخلع ماله للغرماء لعجزه عن قضاء ديونه او الذى قام عليه الغرماء لحبسه ومنعه من التصرف فى ماله على الراجح فى الثانى - هذا المفلس بنوعيه اذا أقر فى المجلس الذى حكم عليه فيه بالحجر او قام الغرماء عليه فيه او بقرب المجلس بحيث لا يعد الفاصل بعيدا بحسب العرف - اذا اقر على هذا الوضع بدين فى ذمته ولمن لا يتهم عليه غير الغرماء يقبل اقراره بشرط ان يكون دين الغرماء ثابتا عليه باقراره لا بالبينة - فان كانت ديونهم ثابتة بالبينة ينظر فان كانت تستغرق