للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز لذوى المحارم النظر الى ما فوق السرة ودون الركبة من ذوات المحارم، لقوله تعالى «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ» (١).

ويجوز للرجل أن ينظر الى ذلك من الرجل، وللمرأة أن تنظر الى ذلك من المرأة، لأنهم كذوى المحارم فى تحريم النكاح على التأييد، فكذلك فى جواز النظر.

واختلف أصحابنا فى مملوك المرأة فمنهم من قال: هو محرم لها فى جواز النظر والخلوة وهو المنصوص، لقول الله عز وجل: «أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ» (٢)، فذكره مع ذوى المحارم فى اباحة النظر.

وروى أنس رضى الله عنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة غلاما، فأقبل النبى صلى الله عليه وسلم ومعه الغلام، فتقنعت بثوب اذا قنعت رأسها لم يبلغ رجليها واذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:

«انه ليس عليك بأس، انما هو أبوك وغلامك».

ومنهم من قال: ليس بمحرم، لأن المحرم من يحرم على التأبيد، وهذا لا يحرم على التأبيد فلم يكن محرما.

واختلفوا فى المراهق (وهو من لم يبلغ الحلم) مع الأجنبية: فمنهم من قال هو كالبالغ فى تحريم النظر، لقوله تعالى «أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ» (٣)، فدل على أنه لا يجوز لمن ظهر على عورات النساء، ولأنه كالبالغ فى الشهوة فكان كالبالغ فى تحريم النظر.

ومن أصحابنا من قال: لا يجوز له النظر الى ما ينظر ذو محرم، وهو قول أبى عبد الله الزبيرى، لقول الله عز وجل: «وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (٤) فدل على انه اذا لم يبلغوا الحلم لم يستأذنوا (٥).

ويحرم على الرجل أن يخلو بامرأة واحدة، وكذلك يحرم عليه أن يخلو بنسوة، ولو خلا رجل بنسوة وهو محرم لاحداهن جاز. وكذلك اذا خلت امرأة برجال وأحدهم محرم لها جاز. ولو خلا عشرون رجلا بعشرين امرأة واحداهن محرم لأحدهم جاز.

قال: وقد نص الشافعى على أنه لا يجوز للرجل أن يصلى بنساء مفردات الا أن تكون احداهن محرما له. هذا كلام امام الحرمين هنا.

وحكى عن القفال فى الخلوة مثل ما ذكره امام الحرمين بحروفه، وحكى فيه نص الشافعى فى تحريم خلوة بنسوة منفردا بهن، وهذا الذى ذكره الامام وغيره،


(١) سورة النور: ٣١.
(٢) سورة النور: ٣١.
(٣) سورة النور: ٣١.
(٤) سورة النور: ٥٩.
(٥) المهذب للشيرازى ج‍ ٢ ص ٣٥ طبع بمطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.