للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المكره بالكسر بشئ لأن الصداق كله قد تقرر على الزوج بالدخول والمكره بالكسر انما أتلف عليه ملك النكاح. وملك النكاح لا يتقوم بالاتلاف على الزوج عندهم (١). هذا كله اذا كان المكره بالكسر أجنبيا. أما اذا كانت الزوجة هى التى أكرهته على الطلاق قبل الدخول فلا يجب لها شئ. هذا اذا أكرهته بالملجئ. أما اذا كان الاكراه بغيره فعليه نصف المهر (٢). ولو أكره الزوج على أن يطلق امرأته بألف درهم وأكرهت المرأة على أن تقبل ذلك ففعلا وقع الطلاق بغير مال لأن الاكراه لا ينافى الاختيار فى الايجاب والقبول وانما بعدم الرضا به. والمال لا يجب بدون الرضا به (٣). ولو أكره الزوج زوجته بالحبس حتى سألته الطلاق كان الزوج فارا لأن الرضا ينعدم بالاكراه بالحبس (٤). ولو أكره رجل بوعيد تلف على أن يطلق امرأته - التى لم يدخل بها واحدة. فقال هى طالق ثلاثا فلا ضمان على المكره بالكسر لأنه أتى بغير ما أكره عليه أما من حيث الصورة فلا اشكال وأما من حيث الحكم فلأن الثلاث أزالت عن المحل الحل كلية بالنسبة للمطلق بخلاف الواحدة التى تزيل الملك مع بقاء الحل فى المحل فهما متغايران فكان طائعا فيما أتى به. ولأن الزيادة التى أتى بها تبين الزوجة من غير اكراه عليها. لأنه زاد اثنتين وهما كافيتان فى البينونة. وتأكد نصف الصداق بينهما قبل الدخول وكذلك لو طلقها اثنتين أو قيل له طلقها اثنتين وطلقها ثلاثا. ولو قيل له طلقها ثلاثا فطلقها واحدة رجع عليه بنصف الصداق الذى غرم لأن ما أتى به بعض ما أكره عليه فيكون مكرها على ذلك والتلف الحاصل به يصير منسوبا الى المكره بالكسر ألا ترى ان المأمور بايقاع الثلاث اذا أوقع الواحدة تقع والمأمور بايقاع الواحدة اذا أوقع الثلاث لم يقع شئ عند أبى حنيفة (٥). ولو أن رجلا لم يدخل بزوجته حتى جعل أمرها بيد رجل يطلقها تطليقة اذا شاء ثم أكره بوعيد تلف على أن يجعل فى يد ذلك الرجل تطليقة أخرى ففعل فطلقها الرجل التطليقتين جميعا لم يرجع الزوج على المكره بالكسر بشئ من المهر لأن ما جعله أولا كان فيه طائعا وهو كاف لتقرير الصداق وكذلك لا رجوع على المكره بالكسر بشئ من المهر فى حالة ما اذا طلقها التطليقة التى جعلها الزوج اليه بغير اكراه. أما لو لطقها التطليقة التى أكره الزوج على جعلها بيد الآخر دون الأخرى رجع الزوج حينئذ على المكره بالكسر بنصف المهر لأن تقرر نصف الصداق عليه كان باعتبار ما أكره عليه (٦). ولو أكرهه على القول ان قربتها فهى طالق ثلاثا ولم يكن قد دخل بها ففر بها طلقت ولزمه مهرها ولا رجوع له على المكره بالكسر بشئ لأنه خالف ما أكرهه عليه.

ولأن المهر لزمه بالدخول والمكره بالكسر انما أتلف عليه باكراهه ملك النكاح وذلك ليس بمتقوم فلا يضمن له المكره بالكسر قيمته وان لم يقربها حتى بانت بمضى أربعة أشهر فعليه نصف الصداق ولم يرجع به على الذى أكرهه لأنه كان يقدر على أن يجامعها فيجب عليه


(١) راجع المبسوط‍ للسرخى ج‍ ٢٤ ص ٦٣.
(٢) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٢ ص ٣٧٣، ج‍ ٥ ص ١١٧.
(٣) المبسوط‍ للسرخى ج‍ ٢٤ ص ٨٨.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٢٤ ص ١٠٤.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢٤ ص ١٣٢.
(٦) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ١٣٣.