للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكرها بالقتل على القبض والتسليم فلا يبقى فى جانبه فعل معتبر. ولو كانوا جميعا مكرهين بالقتل فالضمان على المكره بالكسر خاصة لأن الاتلاف منسوب اليه اذ لم يبق للمكره بالفتح فعل معتبر فى التسليم والقبض ولا يرجع المكره بالكسر على أحد بشئ لأنهم صاروا كالآلة له وليس للمتلف أن يرجع على الآلة بشئ (١). ولو أكره المولى بالقتل وأكره الوكيل والمشترى بالحبس فللمولى أن يضمن قيمته أيهم شاء لأن فعلهم فى التسليم منسوب الى المكره وفعل الوكيل والمشترى مقصور عليهما فان ضمن المشترى لم يرجع على أحد بشئ. وان ضمن الوكيل له أن يرجع على المشترى ولا شئ له على المكره. وان ضمن المكره كان له أن يرجع على المشترى بالقيمة ولا يرجع على الوكيل بشئ لأنه هو الذى أمر الوكيل بالبيع والدفع حين أكرهه على ذلك بالحبس. ولو أكره المولى والوكيل بالقتل وأكره المشترى بالحبس فلا ضمان على الوكيل لانعدام الفعل منه حين كان مكرها بالقتل وللمولى أن يضمن للمكره قيمته ان شاء ويرجع به المكره على المشترى وان شاء ضمن المشترى لأن فعله فى القبض مقصور عليه. ولو أكره المولى والوكيل بالحبس وأكره المشترى بالقتل فلا ضمان على أحد منهم الا الوكيل خاصة لأن المولى انما يضمن المكره بتسليمه الى الغير مكرها من جهته وانما كان مكرها هنا على ذلك بالحبس فلا يرجع عليه بشئ والمشترى مكره على القبض بالقتل فلا يكون قبضه موجبا للضمان عليه وأما الوكيل فمكره على القبض والتسليم بالحبس وذلك لا يوجب نقل الفعل عنه الى غيره فيكون ضامنا قيمته ولو أكره المولى والمشترى بالقتل وأكره الوكيل بالحبس والمسألة بحالها كان للمولى أن يضمن المكره ان شاء لأنه فوت يده حين أكرهه بالقتل على التسليم وان شاء ضمن الوكيل لأن فعله فى القبض والتسليم مقصور عليه وأيهما ضمن لم يرجع على صاحبه بشئ. ولو أكره بالقتل على أن يوكل هذا الرجل بأن يهب عبده هذا لهذا الرجل فوكله بذلك فقبضه الوكيل ودفعه الى الموهوب له ومات فى يده والوكيل والموهوب له غير مكرهين فللمولى أن يضمن قيمته أيهم شاء لأن الموهوب له قبض لنفسه على وجه التملك بهبة فاسدة فيكون ضامنا كالمشترى فان ضمن الموهوب له لم يرجع على أحد وان ضمن الوكيل رجع به على الموهوب له. وان ضمن المكره بالكسر رجع المكره ان شاء على الموهوب له وان شاء على الوكيل ورجع به الوكيل على الموهوب له ولو كان الاكراه بحبس لم يضمن المكره بالكسر شيئا وكان للمولى أن يضمن الوكيل أو الموهوب له فان ضمن الوكيل رجع به على الموهوب له لكنه قام مقام من ضمنه أو لأنه ملكه بالضمان ولم يقصد تنفيذ الهبة من جهته فكان له أن يرجع على الموهوب له لأنه بالقبض متملك عامل لنفسه بغير اذن المالك فلا يسلم له مجانا (٢).


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ١٤٨، ١٤٩.
(٢) المبسوط‍ ج ٢٤ ص ١٤٩، ١٥٠.