ويخير بين الفسخ والامضاء بعد زوال الاكراه لأن حرمة الشرب قطعية فلم يكن راضيا بالبيع. ويرى البعض أنه يسعه الشرب وترك البيع لأن الشراب يباح عند الضرورة.
لو أكره بالقتل على الطلاق أو العتاق فلم يفعل حتى قتل لا يأثم لأنه لو صبر على القتل ولم يتلف مال نفسه يكون شهيدا فلأن لا يأثم اذا امتنع عن ابطال ملك النكاح على المرأة كان أولى. ولو أكرهه على البيع أو الزنا ونحوه فباع يكون مكرها وهذا فى الترديد بين محرم وغيره. أما لو ردده بين محرمين كأن أكرهه بملجئ على كفر أو قتل مسلم فلا قود عليه استحسانا وتجب الدية فى ماله فى ثلاث سنين ان لم يعلم أنه يرخص له فى اجراء كلمة الكفر وقلبه مطمئن بالايمان وان علم قيل يقتل وقيل لا ولو أكره على قتل أو زنا لا يفعل واحدا منها لأن كلا لا يباح بالضرورة فان زنا لا يحد استحسانا وعليه المهر وان قتل بقتل الآمر لأنه لا يخرج عن كونه مكرها. ولو أكرهه على قتل أو اتلاف مال الغير له أن لا يتلف ولو كان المال أقل من الدية لأنه مرخص لا مباح فان قتل يقتل به اذ لا يرخص وان تلف ضمن الآمر. ولو أكرهه على طلاق قبل الدخول أو عتق غرم الآمر الأقل من قيمة العبد ومن نصف المهر. وان كان دخل لم يلزم الآمر شيئا (١).
لو أكره بوعيد قتل على أن يقتل عبده عمدا وقيمته ألف درهم أو يستهلك ماله هذا وهو ألفا درهم فان أبى أن يفعل واحدا منهما حتى قتل كان غير آثم لأن حرمة القتل لم تنكشف بالاكراه وحرمة المال قائمة مع الاكراه وان أبيح له الاقدام على استهلاكه للدفع عن نفسه فلا يكون آثما فى الامتناع لأنه يمتنع من استهلاك المال وقتل النفس من السفه فان استهلك ماله فقد أحسن وضمانه على المكره بالغا ما بلغ. لأن الالجاء قد تحقق فيكون فعله فى اتلاف المال منسوبا الى المكره وهو محسن فيما صنع لأنه جعل ماله دون نفسه اذ قال عليه الصلاة والسّلام لواحد من أصحابه:
(اجعل مالك دون نفسك ونفسك دون دينك) فان قتل العبد ولم يستهلك المال فهو آثم ولا شئ على المكره لأن الالجاء لم يتحقق فى القتل فان كان متمكنا من دفع الشر عن نفسه من غير مباشرة القتل بقى فعله فى القتل مقصورا عليه فليس له على المكره قود ولا قيمة. ولو أكرهه بوعيد القتل على أن يقطع يد نفسه أو يقتل عبده عمدا ففعل أحدهما كان له أن يقتص من المكره لأن الالجاء تناول كل واحد منهما بمنزلة ما لو أكره عليه بعينه. ولو أكرهه على أن يأخذ مال هذا الرجل أو مال هذا الرجل فلا بأس أن يأخذ مال أحدهما لأن الاكراه قد تناولهما لاستوائهما فى بقاء الحرمة والتقوم فى حق كل واحد منهما كحق المالك واحب الينا أن يأخذ مال أغناهما لأن أخذ المال من صاحبه يلحق الهم والحزن به وذلك يتفاوت بتفاوت حال المأخوذ منه فى الغنى. ولو أكرهه على أن يقتل عبد هذا الرجل عمدا أو يأخذ مال هذا الآخر أو مال صاحب العبد فيطرحه فى مهلكه أو يعطيه انسانا فلا بأس أن يعمل فى المال ما أمره به لتحقق الضرورة فيه وغرمه بالغا ما بلغ على المكره لأن الاتلاف صار منسوبا اليه وان قتل العبد فعلى القاتل القود لأن الاكراه لم يتناول القتل هنا اذ لا مساواة بين حرمة القتل وحرمة استهلاك المال واذا تمكن