للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع استواء الكل فى استحقاق الدعوة معنى، هذا اذا ادعى الأكبر، فاما اذا دعى الأوسط‍ فهو حر ثابت النسب منه وصارت الجارية أم ولد له والأكبر رقيق لأنه ولد على ملكه ولم يدعه أحد وهل يثبت نسب الأصغر؟ هو على ما ذكرنا من القياس والاستحسان، هذا اذا ادعى الأوسط‍. فاما اذا ادعى الأصغر فهو حر ثابت النسب والجارية أم ولد له والأكبر والأوسط‍ رقيقان لما ذكرنا، هذا اذا ادعى أحدهم بعينه فاما اذا ادعى (١) أحدهم بغير عينه فقال: أحد هؤلاء ابنى فان بين فالحكم فيه ما ذكرنا وان مات قبل البيان عتقت الجارية بلا شك لأنه لما ادعى نسب احدهم فقد أقر ان الجارية أم ولد له وأم الولد تعتق بموت السيد واما حكم الأولاد فى العتق «ينظر فى مصطلح عتق» وان كان عبد صغير بين اثنين أعتقه أحدهما ثم ادعاه الآخر ثبت نسبه عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى ونصف ولائه للآخر وعندهما لا يثبت نسبه وذلك بناء على ان الاعتاق يتجزأ عنده فيبقى نصيب المدعى على ملكه فتصح دعوته فيه ولا يتجزأ عندهما ويعتق الكل فلم يبق للمدعى فيه ملك فلم تصح دعوته وان كان العبد كبيرا فكذلك عنده لما ذكرنا انه يبقى الملك له فى نصيبه وعندهما ان صدقه العبد ثبت النسب والا فلا لأنه عتق كله باعتاق البعض فلا بد من تصديقه ويخرج على الأصل الذى ذكرنا دعوة العبد المأذون ولد جارية من اكتسابه انها تصح ويثبت نسب الولد منه لأن ملك اليد ثابت له وهو كاف لثبات النسب ولو ادعى المضارب ولد جارية المضاربة لم تصح دعوته اذا لم يكن فى المضاربة ربح لأنه لا بد لثبات النسب من ملك ولا ملك للمضارب أصلا لا ملك الذات ولا ملك اليد اذا لم يكن فى المضاربة ربح ولو ادعى ولدا من جارية لمولاه ليس من تجارته وادعى ان مولاها أحلها له أو زوجها منه لا يثبت نسبه منه الا بتصديق المولى لأنه أجنبى عن ملك المولى لانعدام الملك له فيه أصلا فالتحق بسائر الأجانب الا فى الحد فان كذبه المولى ثم عتق فملك الجارية بوجه من الوجوه نفذت دعوته لأنه أقر بجهة مصححة للنسب لكن توقف نفاذه لحق المولى وقد زال ولو تزوج المأذون حرة أو أمة فوطئها ثبت النسب منه سواء كان النكاح باذن المولى أولا لأن النسب ثبت بالنكاح صحيحا كان أو فاسدا وعلى هذا دعوة المكاتب ولد جارية من اكسابه صحيحة لأن ملك اليد والتصرف ثابت له كالمأذون واذا ثبت نسب الولد منه لم يجز بيع الولد ولا بيع الجارية اما الولد فلأنه مكاتب عليه ولا يجوز بيع المكاتب واما الأم فلأنه له فيها حق ملك ينقلب ذلك الحق حقيقة عند الأداء فمنع من بيعها والعبد المسلم والزمى سواء فى دعوى النسب وكذا المكاتب المسلم والزمى لأن الكفر لا ينافى النسب ويستوى فى دعوته الاستيلاد وجود الملك وعدمه عند الدعوة بعد ان كان العلوق فى الملك فان كان العلوق فى غير الملك كانت دعوته دعوة تحرير فيشترط‍ قيام الملك عنده الدعوة فان كان فى ملكه يصح وان كان فى ملك غيره لا يصح الا بشرط‍ التصديق أو البينة فنقول فجملة الكلام فيه ان للدعوة نوعان دعوة الاستيلاد ودعوة تحرير فدعوة الاستيلاء أن يكون علوق المدعى فى ملك المدعى وهذه الدعوة تستند الى


(١) كتاب بدائع الصنائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج‍ ٦ ص ٢٤٨ وما بعدها الطبعة السابقة.