للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسب لما تقدم فثبت نسب الولد وان لم تصر الجارية أم ولد له.

وهل يرد جميع الثمن؟ عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى نعم وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يرد الا قدر قيمة الولد فتعتبر القيمتان ويقسم الثمن على قدر قيمتهما فما أصاب قيمة الأم يسقط‍ وما أصاب قيمة الولد يرد لأنه ظهر ان الجارية أم ولده ومن باع أم ولده ثم هلكت عند المشترى لا تكون مضمونة عليه عنده وعندهما تكون مضمونة عليه لأن أم الولد غير متقومة من حيث انها مال عنده وعندهما متقومة.

واذا حملت الجارية فى ملكه فباعها وهى حامل فولدت عند المشترى لأقل من ستة أشهر ولدين فى بطن واحد فان ادعاهما البائع ثبت نسب الولدين منه وهذا ظاهر وكذا اذا ادعى أحدهما صحت دعوته ولزمه الولدان جميعا لأن التوأمين لا يحتملان الفصل فى النسب لانخلاقهما من ماء واحد وان ولدت (١) احدهما لأقل ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر فادعى احدهما ثبت نسبهما ويجعل كأنهما ولدتهما جميعا لأقل من ستة أشهر لأنهما كانا جميعا فى البطن وقت البيع ولو ولدت الجارية ولدين فى بطن واحد فباع أحد الوالدين مع الأم ثم ادعى الولد الذى عنده ثبت نسبه ونسب الولد المبيع أيضا سواء كان المشترى ادعاه أو أعتقه لأنهما لا يحتملان الفصل فى ثبات النسب فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما ثبوت نسب الآخر ولو ولدتهما عند المشترى فاعتق المشترى أحدهما ثم ادعى البائع الآخر ثبت نسبهما جميعا من البائع وينتقض العتق ضرورة.

ولو كان المشترى أعتق الأم فادعى البائع الولد لم ينتقض العتق فى الأم وينتقض فى الولد لأن العتق لا يحتمل الفسخ مقصودا وانما يحتمله للضرورة وفى الولد يبطل العتق ضرورة ثبوت نسبه لأن النسب لا يحتمل الانفصال.

ولا ضرورة فى الأم لأن أمومية الولد تنفصل عن اثبات النسب فى الجملة ولو قطعت يد أحد الولدين ثم ادعاهما البائع ثبت نسبهما وكان الأرش للمشترى لا للبائع الا أن يقيم البائع البينة على الدعوة قبل البيع فتكون له لما ذكرنا لأن ما ثبت بطريق الاستناد ثبت فى الحال ثم يستند فيستدعى قيام المحل للحال واليد المقطوعة هالكة فلا يظهر أثر الدعوة فيها ولو قتل أحدهما ثم ادعاهما البائع ثبت نسبهما وكانت قيمة المقتول لورثة المقتول لا للمشترى فرقا بين القتل والقطع. ووجه (٢). الفرق أن محل حكم الدعوة مقصودا هو النفس وانما يظهر فى الأطراف تبعا للنفس وبالقطع انقطعت التبعية فلا يظهر حكم الدعوة فيها فسلم الأرش للمشترى ونفس كل واحد من التوأمين أصل فى حكم الدعوة فمتى صحت فى احدهما تصح فى الآخر وان كان مقتولا ضرورة انه لا يتصور الفصل بينهما فى النسب ومتى صحت الدعوة استندت الى وقت العلوق لأنها دعوة الاستيلاد فتبين أنهما علقا حرين فكان ينبغى أن تجب الدية


(١) بدائع صنائع للكاسانى الحنفى ج‍ ٦ ص ٢٤٨ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج‍ ٦ ص ٢٤٦ الطبعة السابقة.