للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له أب وابن فنفقته على الابن لا على الأب وان استويا فى القرب والوراثة ويرجع الابن بالايجاب عليه لكونه كسب الأب فيكون له حقا فى كسبه وكون ماله مضاف اليه شرعا لقول الرسول عليه الصلاة والسّلام «أنت ومالك لأبيك».

ولا يشارك الولد فى نفقة والده أحد لما قلنا وكذا فى نفقة والدته لعدم المشاركة فى السبب وهو الولاد والاختصاص بالسبب يوجد الاختصاص بالحكم وكذا لا يشارك الانسان أحد فى نفقة جده وجدته عند عدم الأب والأم لأن الجد يقوم مقام الأب عند عدمه والجدة تقوم مقام الأم عند عدمها.

ولو كان له ابنان فنفقته عليهما على السواء وكذا اذا كان له ابن وبنت ولا يفضل الذكر على الانثى فى النفقة لاستوائهما فى سبب الوجوب وهو الولاد.

ولو كان له بنت وأخت فالنفقة على البنت لان الولادة لها وهذا يدل على أن النفقة لا تعتبر بالميراث لأن الأخت ترث مع البنت ولا نفقة عليها مع البنت ولا تجب على الابن نفقة منكوحة أبيه لأنها أجنبية عنه الا أن يكون الأب محتاجا الى من يخدمه فحينئذ يجب عليه نفقة امرأته لانه يؤمر بخدمة الأب بنفسه أو بالأجير.

ولو كان للصغير أبوان فنفقته على الأب لا على الأم بالاجماع وان استويا فى القرب والولاد ولا يشارك الأب فى نفقة والده أحد لان الله سبحانه وتعالى خص الأب بتسميته بكونه مولودا له وأضاف الولد اليه بلام الملك وخصه بايجاب نفقة الولد الصغير عليه بقوله سبحانه وتعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» (١) أى رزق الوالدات المرضعات وسمى الأم والدة والأب مولودا له وقال عز وجل «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٢) فخص سبحانه وتعالى الأب بايجاب أجر الرضاعة بعد الطلاق وكذا أوجب فى الآيتين كل نفقة الرضاع على الأب لولده الصغير، وليس وراء الكل شئ، ولا يقال ان الله عز وجل قال «وعلى المولود له رزقهن» ثم قال «وعلى الوارث مثل ذلك» والأم وارثة فيقتضى أن تشارك فى النفقة كسائر الورثة من ذوى الرحم المحرم.

وكمن قال: أوصيت لفلان من مالى بألف درهم وأوصيت لفلان مثل ذلك ولم تخرج الوصيتان من الثلث أنهما يشتركان فيه كذا هذا لأنا نقول لما جعل الله عز وجل كل النفقة على الأب بقوله سبحانه وتعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» تعذر ايجابها على الأمر حال قيام الأب فيحمل على حال عدمه ليكون عملا بالنص من كل وجه فى الحالتين.

ولم يوجد مثل هذا فى سائر ذوى الرحم المحرم، وفى باب الوصية لا يمكن العمل فى كل واحدة من الوصيتين فى حالين وقد ضاق المحل عن قبولهما فى حالة واحدة فلزم القول بالشركة ضرورة.

ولو كان الأب معسرا غير عاجز عن الكسب والأم موسرة فالنفقة على الأب لكن تؤمر


(١) الآية رقم ٦ من سورة الطلاق.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة الطلاق.