للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{الْجِبالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» (١) فنفى الولادة مع العبودية فدل على أنهما لا يجتمعان ولأن الولد بعض منه فيصير كما لو ملك بعضه وان ملك بعضه فان كان بسبب من جهته كالبيع والهبة وهو موسر قوم عليه الباقى لانه عتق بسبب من جهته فصار كما لو أعتق بعض عبد. وان كان بغير سبب من جهته كالارث لم يقوم عليه لأنه عتق من غير سبب من جهته وان ملك من سوى الوالدين والمولودين من الاقارب لم يعتق عليه لأنه لا بعضية بينهما فكانوا كالأجانب وان وجد من يعتق عليه مملوكا فالمستحب أن يشتريه ليعتق عليه لقول الرسول عليه الصلاة والسّلام: «لا يجزى ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» ولا يجب عليه ذلك لانه استحلاب مال لقربة لم يتقدم وجوبها فلم يجب كشراء المال للزكاة وان وصى للمولى عليه بأبيه فان كان لا تلزمه نفقته وجب على الولى قبوله لأنه يعتق عليه فيحصل له جمال عاجل وثواب آجل من غير اضرار. وان كان تلزمه نفقته لم يجب قبوله لانه يعتق عليه ويطالب بنفقته وفى ذلك اضرار فلم يجز. وان وصى له ببعضه فان كان معسرا لزمه قبوله لانه لا ضرر عليه من جهة التقويم ولا من جهة النفقة وان كان موسرا والأب ممن تلزمه نفقته لم يجب قبوله لأنه تلزمه نفقته وفى ذلك اضرار وان كان لا تلزمه نفقته ففيه قولان: أحدهما لا يجوز قبوله لأن ملكه يقتضى التقويم وفى ذلك اضرار والثانى يلزم قبوله ولا يقوم عليه لأنه يعتق عليه بغير اختياره فلم يقوم عليه كما لو ملكه بالارث (٢).

وجاء فى «نهاية المحتاج» أنه لا ترث امرأة بولاء يثبت لغيرها فإذا كان للمعتق بن وبنت أو أم وأب أو أخ وأخت ورث الذكر دون الانثى لأن الولاء أضعف من النسب المتراخى واذا تراخى النسب ورث الذكور دون الاناث.

ألا ترى أن ابن الأخ والعم وبنيهما يرثون دون أخواتهم فاذا لم ترث بنت الاخ وبنت العم والعمة فبنت المعتق أولى أن لا ترث لانها أبعد منهن فلا ترث امرأة بولاء الا من عتيقها وكل منتم اليه بنسب أو ولاء نحو أولاده وأن سفلوا وعتقائه وعتقاء عتقائه وهكذا الخبر «انما الولاء لمن أعتق» فجعل الولاء على بويره بعائشة رضى الله عنها. ولو نكح عبد معتقة فأتت بولد فولاؤه لمولى الأم لأنهم أنعموا عليه لعتقه بعتقها فان أعتق الأب انجر الولاء الى مواليه لأن الولاء فرع النسب وهو للآباء دون الأمهات وانما ثبت لموالى الأم لعدمه من جهة الأب فاذا أمكن عاد الى موضعه، ومعنى الانجرار أن ينقطع من وقت عتق الأب عن موالى الأم فاذا انجر الى موالى الأب فلم يبق منهم أحد لم يرجع الى موالى الأم بل يكون الميراث لبيت المال. ولو مات الأب رقيقا وعتق الجد أب الأب وان علا دون أبى الأم انجر الولاء الى موالى الجد لأنه كالأب فان


(١) الآية رقم ٩٠ وما بعدها آية ٩١، ٩٢ من سورة مريم.
(٢) المهذب لأبى أسحق ابراهيم بن على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى وبأسفله النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب لمحمد بن أحمد بن بطال التركى ح‍ ٢ ص ٤، ٥ طبعة مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.