خلافا لبعضهم وحينئذ فالأم أولى به كما فى الروضة عن الدرامى وأقره لخبر «ان لهما ثلثى البر» وعليه يحمل ما فى شرح مسلم عن المحاسبى من الاجماع على تفضيلها فى البر على الأب. والأوجه استحباب العدل بين نحو الأخوة أيضا. نعم هو دون طلبه فى الأولاد، وروى البيهقى خبر «حق كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده» وفى رواية الأكبر من الأخوة بمنزلة الأب» وانما يحصل العدل بين من ذكر بأن يسوى بين الذكر والأنثى لرواية ظاهرة فى ذلك فى الخبر المار ولخبر ضعيف، وقيل الصحيح ارساله «سووا بين أولادكم فى العطية ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء». وقيل كقسمة الارث وفرق الأول بأن ملحظ هذا العصوبة وهى مختلفة مع عدم تهمة فيه وملحظ ذاك الرحم وهما فيه سواء مع التهمة فيه، وعلى هذا وما مر فى اعطاء أولاد الأولاد مع الأولاد تتصور التسوية بأن يفرض الأسفلون فى درجة الأعلين نظيرا ما يأتى فى ميراث الأرحام على قول.
وللأب الرجوع فى هبة ولده عينا بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة على الراجح بل يوجد التصريح بذلك فى بعض النسخ ولا يتعين الفور بل له ذلك متى شاء وان لم يحكم به حاكم أو كان الولد فقيرا صغيرا مخالفا دينا لخبر «لا يحل لرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطى ولده». واختص بذلك لانتفاء التهمة فيه اذ ما طبع عليه من ايثاره لولده على نفسه يقضى وأنه انما رجع لحاجة أو مصلحة، ويكره الرجوع من غير عذر، فان وجد ككون الولد عاقا أو يصرفه فى معصية أنذره به فان أصر لم يكره كما قالا. وبحث الأسنوى ندبه فى العاصى وكراهته فى العاق ان زاد عقوقه وندبه ان أزاله واباحته ان لم يفد شيئا والأذرعى عدم كراهته ان احتاج الأب لنفقة أو دين بل ندبه حيث كان الولد غير محتاج له ووجوبه فى العاصى أن غلب على الظن تعيينه طريقا الى كفه عن المعصية - ويمتنع الرجوع كما بحثه البلقينى فى صدقة واجبة كنذر وزكاة وكفارة، وكذا فى لحم أضحية تطوع، لأنه انما يرجع ليستقل بالتصرف وهو ممتنع هنا، وقد جرى على ذلك جمع ممن سبقه وتأخر عنه ورووا على من أفتى بجواز الرجوع فى النذر بما فى الروضة وغيرها. ولا حاجة الى زيادة قول:
من قيد ذلك بما اذا وجدت صيغة نذر صحيحة، اذ النذر عند الاطلاق منصرف لذلك، ولا نظر لكونه تمليكا محضا لأن الشرع أوجب الوفاء به على العموم من غير مخصص، وقياس الواجب على التبرع غير سديد، ولا رجوع فى هبة بثواب بخلافها من غير ثواب وان أثابه عليها كما قال القاضى، وله الرجوع فى بعض الموهوب ولا يسقط بالاسقاط، وله الرجوع فيما أقر بأنه لفرعه كما أفتى به المصنف وهو المعتمد ومحله كما أفاده الجلال البلقينى عن أبيه فيما اذا فسره بالهبة، ولو وهبه وأقبضه ومات فادعى الوارث صدوره فى المرض والمتهب كونه فى الصحة صدق الثانى بيمينه ولو أقاما بينتين قدمت بينة الوارث لأن معها زيادة علم ثم محل ما تقرر اذا ما كان الولد حرا فان كان رقيقا فالهبة لسيده كما علم مما مر، ولو أبرأه من دين كان له عليه امتنع الرجوع جزما سواءا قلنا أنه تمليك أو اسقاط،