ولا فرق بين أب يقصد برجوعه التسوية بين أولاده وبين غيره. ولو وهب كافر لولده الكافر شيئا ثم أسلم الولد فلأبيه الرجوع فى هبته خلافا للشيخ تقى الدين. ولو أسقط الأب حقه من الرجوع فله الرجوع لأنه حق ثبت له بالشرع فلم يسقط باسقاطه كما لو أسقط الولى حقه من ولاية النكاح.
وقال فى «المنتهى» يسقط رجوعه لأنه مجرد حقه، وقد أسقطه والفرق بينه وبين ولاية النكاح أن ولاية النكاح حق عليه لله تعالى وللمرأة بدليل اثمه بالعضل بخلاف الرجوع فانه حق للأب. ولو ادعى اثنان مولودا مجهول النسب كل يقول هو ابنى فوهباه أو وهبه أحدهما شيئا فلا رجوع لانتفاء ثبوت الدعوى وان ثبت اللحاق بأحدهما ثبت له الرجوع لثبوت الأبوة، ويشترط لجواز رجوع الأب وصحته فيما وهب لولده شروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن تكون الهبة عينا بآقية فى ملك الابن الى رجوع أبيه فلا رجوع للأب فى دينه على الولد بعد الابراء منه لأنه اسقاط لا تمليك، ولا فى منفعة أباحها له أبوه بعد الاستيفاء كسكنى دار ونحوها لأنه اباحة واستيفاء المنفعة بمنزلة اتلافها فان خرجت العين الموهوبة عن ملك الابن ببيع أو هبة أو وقف أو خرجت بغير ذلك بأن جعلها صداقا لامرأة أو عوضا فى صلح ونحوه ثم عادت العين الى الابن بسبب جديد كبيع ولو مع خيار أو هبة أو وصية أو ارث أو نحوه كأن أخذها عوضا عن أرش جناية أو قيمة متلف لم يملك الأب الرجوع فيها لأنها عادت الى الولد بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه فلم يملك ازالته كما لو لم تكن موهوبة. وان عادت العين للولد بعد بيعها بفسخ البيع بعيب فيها أو فى الثمن أو عادت باقالة أو عادت بفسخ لمفلس المشترى بالثمن أو بفسخ خيار الشرط أو المجلس ملك الأب الرجوع فيها لعود الملك بالسبب الأول فكأنه ما انتقل وبه فارق العود ببيع أو هبة أو نحوهما أو دبر لولد العبد الموهوب له من والده أو كاتبه ملك الأب الرجوع فى العبد لأن التدبير والكتابة لا يمنعان التصرف فى الرقبة بالبيع ونحوه فلم يمنعا الرجوع كما لو زوجه أو أجره وهو أى العبد الذى كاتبه الولد ثم رجع أبوه فيه مكاتب أى باق على كتابته للزومها فاذا أدى الى الأب باقى ما للكتابة عتق وان عجز كما لو باعه الابن وما أخذه الابن من دين الكتابة قبل رجوع الأب لم يأخذه منه أبوه لاستقرار ملكه عليه.
الشرط الثانى: أن تكون العين باقية فى تصرف الولد فان تلفت العين فلا رجوع للأب فى قيمتها وتقدم. وان استولد الابن الأمة التى وهبها له أبوه لم يملك الرجوع لامتناع نقل الملك فى أم الولد أو كان الأب وهبها له للاستعفاف لم يملك الأب الرجوع فيها وان استغنى الولد أو لم يستولدها لأن اعفافها واجب عليه. وان رهن الابن العين التى وهبها له أبوه وأقبضها فكذلك أو أفلس الابن وحجر عليه فكذلك أى فلا رجوع لأبيه لتعلق حق المرتهن والغرماء بالعين وفى الرجوع ابطال لذلك. وما ذكره المصنف من أن الحجرة عليه لفلس مانع من الرجوع قال الحارثى انه الصواب بلا خلاف كما فى الرهن ونحوه وبه