للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنينان خرج أحدهما قبل موتها وخرج الآخر بعد موتها وهما ميتان ففى الذى خرج قبل موتها خمسمائة درهم وليس فى الذى خرج بعد موتها شئ اعتبارا لكل واحد منهما بما لو كان وحده، وهذا لأنه لا سبب لموت الذى خرج قبل موتها سوى الضربة واشتبه السبب فى الذى خرج بعد موتها، ومع اشتباه السبب لا يجب الضمان.

ثم الذى خرج قبل موتها ميتا لا يرث من دية أمه، لأن شرط‍ التوريث بقاء الوارث حيا بعد موت المورث، ولها ميراثها منه لأنها كانت حية بعد ما وجب بدل هذا الجنين بانفصاله ميتا فلها ميراثها منه. وان كان الذى خرج بعد موتها خرج حيا ثم مات ففيه الدية أيضا، لأن الاشتباه زال حين انفصل حيا وقد مات بالضربة بعد ما صار نفسا من كل وجه فتجب فيه الدية كاملة، وله ميراثه من دية أمه، ومما ورثت أمه من أخيه وان لم يكن لأخيه أب حى فله ميراثه من أخيه أيضا، لأنه كان حيا بعد موتهما فيكون له الميراث منهما (١).

وجاء فى كتاب «الهداية» أيضا أن ما يجب فى الجنين موروث عنه لأنه بدل نفسه فيرثه ورثته ولا يرثه الضارب حتى لو ضرب رجل بطن مرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث فيها لأنه قاتل بغير حق ولا ميراث للقاتل. وفى جنين الأمة ان كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا، وعشر قيمته لو كان أنثى لأنه بدل نفسه، لأن ضمان الطرف لا يجب الا عند ظهور النقصان ولا يعتبر به فى ضمان الجنين، فكان بدل نفسه فيقدر بها. وقال أبو يوسف: يجب ضمان النقصان لو انتقصت الأم اعتبارا كجنين البهائم، وهذا لأن الضمان فى قتل الرقيق ضمان مال عنده فصح الاعتبار على أصله. فان ضربت الأمة فأعتق المولى ما فى بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا ولا تجب الدية، وان مات بعد العتق، لأنه قتله بالقتل بالضرب السابق وقد كان فى حالة الرق فلهذا تجب القيمة دون الدية، وتجب قيمته حيا لأنه بالضرب صار قاتلا اياه وهو حى فنظر الى حالتى السبب والتلف، وقيل هذا عندهما، وعند محمد تجب قيمته ما بين كونه مضروبا الى كونه غير مضروب لأن الاعتاق قاطع للسراية.

ولا كفارة فى الجنين لأن الكفارة فيها معنى العقوبة، وقد عرفت فى النفوس فلا تتعداها، ولهذا لم يجب كل البدل قالوا: الا أن يشاء ذلك لأنه ارتكب محظورا، فاذا تقرب الى الله تعالى كان أفضل له ويستغفر مما صنع.

والجنين الذى استبان بعض خلقه بمنزلة الجنين التام فى جميع هذه الأحكام لاطلاق ما روى، ولأنه ولد فى حق أمومية الولد، وانقضاء العدة والنفاس وغير ذلك فكذا فى حق هذا الحكم ولأنه بهذا القدر يتميز من العلقة والدم فكان نفسا (٢).

وجاء فى كتاب «الهداية» أيضا أنه تجوز الوصية للحمل وبالحمل اذا وضع لأقل من ستة شهر من وقت الوصية، أما الوصية للحمل فلأن الوصية استخلاف من وجه لأنه يجعله


(١) المبسوط‍ ح‍ ٢٦ ص ٩٠.
(٢) الهداية شرح بداية المبتدى ح‍ ٩ ص ٢٣٢ - ٢٣٩.