للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعا وانما كان ذلك لان الكبيرة الأولى لما أرضعت الصغيرة الأولى فقد صارت بنتها فحصل الجمع بين الأم وابنتها فحرمتا عليه فلما أرضعت الأخرى أرضعتها وهى أجنبية فلم يتحقق الجمع، لكن صارت الأخرى ربيبته فان كان لم يدخل بأمها لا تحرم وان كان قد دخل بها تحرم فلما جاءت الكبيرة الأخيرة فأرضعت الصغيرة الأولى فقد صارت أم منكوحته فحرمت عليه فلما أرضعت الصغيرة الأخرى فقد أرضعتها وهى أجنبية فصارت ربيبته فلا تحرم اذا كان لم يدخل بأمها وان كان قد دخل بأمها تحرم واذا كانت الكبيرة الأخيرة بدأت بالتى لم تبدأ بها الكبيرة الأولى فقد صارت بنتا لها فصار جامعها مع أمها فحرمتا عليه كما حرمت الكبيرة الأولى مع الصغيرة الأولى فحرمن جميعا. ولو كانت تحته صغيرة وكبيرة فأرضعت أم الكبيرة الصغيرة بانتا لأنهما صارتا أختين وكذا اذا أرضعت أخت الكبيرة الصغيرة لانها صارت بنت أخت امرأته والجمع بين المرأة وبين بنت أختها لا يجوز فى الرضاع كما لا يجوز فى النسب ولو أرضعتهما عمة الكبيرة أو خالتها لم تبن لانها صارت بنت عم امرأته أو بنت خالتها ويجوز للانسان ان يجمع بين امرأة وبين بنت عمتها أو بنت خالتها فى النسب فكذا فى الرضاع (١).

ولو طلق رجل امرأته ثلاثا ثم أرضعت المطلقة قبل انقضاء عدتها امرأة صغيرة له بانت الصغيرة لانها صارت بنتا له فحصل الجمع فى حال العدة والجمع فى حال قيام العدة كالجمع فى حال قيام النكاح ولو زوج ابنه وهو صغير امرأة لها لبن فارتدت وبانت من الصبى ثم أسلمت فتزوجها رجل فحبلت منه ثم أرضعت بلبنها ذلك الصبى الذى كان زوجها حرمت على زوجها الثانى كذا روى بشر بن الوليد عن محمد لأن ذلك الصبى صار ابنا لزوجها فصارت هى منكوحة ابنه من الرضاع فحرمت عليه. ولو زوج رجل أم ولده مملوكا صغيرا فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها. لان الزوج صار ابنا لزوجها فصارت هى موطؤة أبيه فتحرم عليه - ولا يجوز للمولى أن يطأها بملك اليمين لأنها منكوحة ابنه ولو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت (٢).

ويقول صاحب «بدائع الصنائع» أما بيان ما يثبت به الرضاع أى يظهر به فالرضاع يظهر فى أحد أمرين أحدهما الاقرار والثانى البينة أما الاقرار فهو ان يقول لامرأة تزوجها هى أختى من الرضاعة أو أمى من الرضاعة أو بنتى من الرضاعة ويثبت على ذلك ويصر عليه فيفرق بينهما. لأنه أقر ببطلان ما يملك ابطاله للحال فيصدق فيه على نفسه واذا صدق لا يحل له وطؤها والاستمتاع بها فلا يكون فى ابقاء النكاح فائدة فيفرق بينهما سواء صدقته أو كذبته لان الحرمة ثابتة فى زعمه ثم ان كان قبل الدخول بها فلها نصف المهر ان كذبته لان الزوج مصدق على نفسه لا عليها بابطال حقها فى المهر. وان كان بعد الدخول بها فلها كمال المهر والنفقة والسكنى


(١) المصدر نفسه ح‍ ٤ ص ١٢، ١٣.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ح‍ ٤ ص ١٣، ١٤ نفس الطبعة.