للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تنتشر الى أمهاته وآبائه ولا الى أخوته وأخواته فكذلك الرضاع ولا يثبت تحريم الرضاع فيما يرتضع بعد الحولين. لقول الله سبحانه وتعالى: «وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ» (١) فجعل تمام الرضاع فى الحولين فدل على أنه لا حكم للرضاع بعد الحولين وروى يحيى بن سعيد أن رجلا قال لأبى موسى الأشعرى: أنى مصصت من ثدى امرأتى لبنا فذهب فى بطنى قال أبو موسى: لا أراه الا قد حرمت عليك.

فقال عبد الله بن مسعود: أنظر ما تفتى به الرجل فقال أبو موسى ما تقول أنت؟ فقال:

عبد الله: لا رضاع الا ما كان فى الحولين. قال أبو موسى لا تسألونى عن شئ مادام هذا الحبر بين أظهركم وعن ابن عباس رضى الله عنه قال: لا رضاع الا ما كان فى الحولين (٢).

ولا يثبت تحريم الرضاع بما دون خمس رضعات وقال أبو ثور يثبت بثلاث رضعات لما روت أم الفضل رضى الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لا تحرم الا ملاجة ولا الا ملاجتان فدل أن الثلاث يحرمن والدليل على أنه لا يحرم مادون خمس الرضعات ماروت عائشة رضى الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخ بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ فى القرآن.

وحديث أم الفضل يدل على ان الثلاث يحرمن من جهة دليل الخطاب والنص يقوم على دليل الخطاب وهو ما رويناه ولا يثبت الا بخمس رضعات متفرقات لان الشرع ورد بها مطلقا فحمل على العرف والعرف فى الرضعات أن يرتضع ثم يقطعه باختياره من غير عارض ثم يعود اليه بعد زمان ثم يرتضع ثم يقطعه وعلى هذا الى أن يستوفى العدد كما أن العادة فى الأكلات أن تكون متفرقة فى أوقات فأما اذا قطع الرضاع لضيق نفس أو لشئ يلهيه ثم رجع اليه أو انتقل من ثدى الى ثدى كان الجميع رضعة، كما أن الآكل اذا قطعه لضيق نفس أو شرب ماء أو لانتقال من لون الى لون كان الجميع أكلة فان قطعت المرضعة عليه ففيه وجهان: أحدهما: أن ذلك ليس برضعة لأنه قطع عليه بغير اختياره والثانى أنه رضعة لأن الرضاع يصح بكل واحد منهما ولهذا لو أوجرته وهو نائم ثبت التحريم كما يثبت اذا ارتضع منها وهى نائمة فاذا تمت الرضعة بقطعة وجب أنه تم بقطعها فان أرضعته امرأة أربع رضعات ثم أرضعته امرأة أخرى أربع رضعات ثم عاد الى الأولى فارتضع منها وقطع وعاد الى الأخرى فى الحال فارتضع منها ففيه وجهان: أحدهما لا يتم عدد الخمس من واحدة منهما لانه انتقل من احداهما الى الأخرى قبل تمام الرضعة فلم تكن كل واحدة منهما رضعة كما لو انتقل من ثدى الى ثدى. والوجه الثانى: يتم العدد من كل واحدة منهما لأن الرضعة أن يرتضع القليل والكثير ثم يقطع ولا يعود الا بعد زمان طويل وقد وجد ذلك وان شكت المرضعة هل أرضعته أم لا؟ أو هل أرضعته خمس رضعات أو أربع رضعات لم يثبت التحريم كما لو شك الزوج.

هل طلق امرأته أم لا؟ وهل طلق ثلاثا أم طلقتين.


(١) الآية رقم ٣٣ من سورة البقرة.
(٢) المهذب لابى اسحق بن على بن يوسف الشيرازى ح‍ ٢ ص ١٥٥، ١٥٦