للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا الرضعة ولا الرضعتان». وروى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت:

«كان مما أنزل الله فى القرآن أن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات وتوفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهى مما نقرأ فى القرآن» ووجه الدلالة أنها أخبرت أن عشر رضعات كان فيما أنزله الله، وقولها: «ثم نسخن بخمس رضعات» قولها ولا خلاف لا يقبل قول الراوى انه نسخ كذا بكذا الا أن يبين ما نسخه لينظر فيه هل هو نسخ أم لا (١)؟ والرضاع انما ينشر الحرمة اذا كان المولود صغيرا، فأما ان كان كبيرا. فلو ارتضع المدة الطويلة لم ينشر الحرمة والدليل اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قول الله تبارك وتعالى: «وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ٢» وفيه دليلان.

الأول: أنه جعل الحولين تمام الرضاعة، ومعلوم أنه لم يرد الاسم واللغة ولا الجواز، أنه ينطلق على بعد الحولين، ثبت أنه أراد الرضاع الشرعى الذى يتعلق به الحرمة والتحريم.

الثانى: حده بالحولين، فلا يخلو اما أن يفيد جواز الرضاعة أو الكفاية أو التحريم، فبطل أن يريد الجواز لانه جائز بلا خلاف، وبطل أن يريد الكفاية لأنه قد يكتفى بدون الحولين، فلم يبق الا أنه حده بهذه المدة لان الحكم بها يتعلق لا غير.

وأيضا روى ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

«لا رضاع بعد الحولين» ومعلوم أنه لم يرد سلب الاسم بعد الحولين لأن الاسم ينطلق عليه بعدها، ثبت أنه أراد سلب حكمه (٣).

والقدر المعتبر فى الرضاع المحرم ينبغى أن يكون كله واقعا فى مدة الحولين فان وقع بعضه فى مدة الحولين وبعضه خارجا لم يحرم. مثاله: ان من راعى عشر رضعات من أصحابنا أو خمس عشرة رضعة على ما اعتبرناه. فان وقع خمس رضعات فى مدة الحولين وباقيها بعد تمام الحولين فانه لا يحرم الدليل: قول الله سبحانه وتعالى:

«حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ» وما سبق فى المسألة الرابعة (٤). ولا فرق بين أن يكون المرتضع مفتقرا الى اللبن أو مستغنيا عنه، فانه متى حصل الرضاع بالقدر الذى يحرم نشر الحرمة والدليل: عموم الأخبار (٥). واذا اعتبرنا عدد الرضعات فالرضعة ما يشربه الصبى حتى يروى ولا تعتبر بالمصة ويراعى ألا يدخل بين الرضعة والرضعة رضاع امرأة أخرى فان فصل بينهما برضاع امرأة أخرى بطل حكم الأولى. والدليل اجماع الفرقة


(١) المصدر نفسه ح‍ ٢ ص ٣٢٠ المسألة رقم (٣).
(٢) الآية رقم ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٣) الخلاف ج ٢ ص ٣٢٠ المسألة رقم (٤).
(٤) نفس المصدر ح‍ ٢ ص ٣٢٠، ٣٢١ المسألة رقم (٥).
(٥) المصدر نفسه ج‍ ٢ ص ٣٢١ المسألة رقم (٦).