الفذية فإن الصلاة تبطل لتلاعبه ولأنها من الأمور التي تلزم بالشروع. أما نية الإمامة في صلاة الجنازة فقد اختلف فيها فأوجب ابن رشد فيها نية الإِمامة على الإمام بناء على اشتراط الجماعة فيها فإن صلى عليها فرادى أعيدت ما لم تدفن وإلا فلا إعادة والتحقيق أن الجماعة في صلاة الجنازة مندوبة وقيل سنة وعلى ذلك فليست نية الإمامة فيها واجبة على الإِمام. وأما صلاة الجمعة فإنه يشترط فيها نية الإمامة لأن الجماعة شرط صحة فيها فإذا لم ينو الإمامة فيها بطلت عليه وعليهم لإنفراده والجمع بين الصلاتين ليلة المطر فقط لأنه الذي يشترط فيه الجماعة فلابد فيه من نية الإِمامة في الصلاتين على المشهور وقيل تكون نية الإمامة في الثانية فقط لظهور أثر الجمع فيها ونية الجمع تكون عند الصلاة الأولى وتستصحب للثانية ولا تبطل الصلاة يترك نية الجمع بخلاف نية الإمامة في الصلاتين فإنه يبطلهما أما الأولى فلترك النية فيهما وأما الثانية فلأنها تبع للأولى وإن تركها في الثانية فقط، وقال البنانى إذا ترك نية الإِمامة فيها بطلت الثانية فقط لأن المغرب وقعت في وقتها. قال العدوى والفقه ما ذكره الدردير وهو بطلان الصلاتين وكذلك تشترط نية الإمامة في صلاة الخوف الذي تؤدى فيه الصلاة يقسم المأمومين طائفتين إذ لا يصح ذلك إلا بجماعة فلو لم ينو الإمامة بطلت عليه وعلى الطائفتين قال الدسوقى نقلا عن العدوى والصواب أنها إنما تبطل صلاة الطائفة الأولى فقط لأنها فارقت الإِمام في غير محل المفارقة وأما صلاة الطائفة الثانية وصلاة الإِمام فصحيحة وكذلك تجب نية الإِمامة على المستخلف لأنه كان مأموما فلابد من نية الإمامة ليميز بين النيتين فإن لم ينو الإِمامة فصلاته صحيحة وغايته أنه منفرد ما لم ينو أنه خليفة الإِمام مع كونه مأموما فتبطل صلاته لتلاعبه لأن كونه خليفة ينافى كونه مأموما وكونه مأموما ينافى كونه خليفة ونية الأمرين المتنافيين تلاعب. وأما الجماعة فإن اقتدوا بطلت في الحالين أي إذا لم ينو الإمامة سواء نوى أنه خليفة عن الإمام مع كونه مأموما أو لم ينو ذلك وإن لم يقتدوا به لم تبطل صلاتهم ونية الإِمامة في الصلوات الأربع وهى صلاة الجمعة والجمع والخوف والاستخلاف شرط في صحتها بحيث لا تصح إلا بها، والنية الحكمية كما قال الدسوقى تكفى فتقدم الإمام في الجمعة وفى الجمع والاستخلاف دال على النية فاشتراط نية الإِمامة في صحة الصلاة في هذه الأربع لا فائدة فيه وقد يجاب بأن المراد بأن نية الإمامة فيها عدم نية الانفراد، وفضل (١) الجماعة يحصل للإمام وإن لم ينو الإمامة على ما يدل عليه كلام اللخمى لأنه قال لا يعيد في جماعة أخرى. قال مالك فيمن صلى لنفسه ثم أتى رجل فائتم به أنها له صلاة جماعة وكذلك الإمام يصير له صلاة جماعة ولا يعيد في جماعة أخرى وقال الأكثر إنه إذا لم ينو الإمامة لم يحصل له فضل الجماعة ولذلك ألزم ابن عرفة هذا المؤتم به الذي لم ينو الإِمامة أن يعيد الصلاة في جماعة ونقله ابن غازى وسلمة ونقل مثله عن ابن عبد السلام والإمام الراتب إذا صلى وحده فإنه إنما يحصل له فضل الجماعة إذا نوى الإمامة، وأما نية إمامة النساء فقد قال ابن زرقون أنه يجب على الإِمام نية الإمامة إذا أمهن لما ذكر في سماع موسى أن من أم نساء تمت صلاتهن إن نوى إمامتهن وجعل ابن رشد هذا القول مقابلا لمذهب المدونة ويرى ابن رشد وجوب نية الإمامة في
(١) المرجع السابق المعروف بالخطاب جـ ٢ ص ١٢٤ الطبعة السابقة.