وتوفى هارون في حياة موسى وكانت فائدة انتقال الأمر إلى أولاده لأن النص لا يرجع القهقرى والقول بالبدء محال ..
ومنهم من قال أنه لم يمت في حياة أبيه ولكنه أظهر الموت تقية عليه حتى لا يقصد بالقتل .. قالوا وبعد إسماعيل انتقلت الإِمامة إلى ابنه محمد.
ثم ابتدئ بنيه الأئمة المشعورين .. إذ قالوا ولن تخلوا الأرض من إمام قاهر إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور ..
فإذا كان الإمام ظاهرا يجوز أن تكون حجته مستورة .. وإذا كان الإِمام مستورا فلابد أن تكون حجته ودعاته ظاهرين .. ومذهبهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .. وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة لإِمام مات ميتة جاهلية ..
وكانت لهم دعوة في كل زمان .. ومقالة جديدة بكل لسان، وأشهر ألقابهم الباطنية لحكمهم بأن لكل ظاهر باطنا، ولكل تنزيل تأويلا.
ثم إن الباطنية خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة، وصنفوا كتبهم على هذا النهج فقالوا في الله تعالى: إنا لا نقول أنه موجود أو غير موجود .. ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز وهكذا في سائر الصفات فإن الإِثبات الحقيقى يقتضى شركة بينه وبين سائر الموجودات في الجهة التي أطلقناها عليه وذلك تشبيه فلم يكن الحكم بالإثبات المطلق والنفى المطلق بل هو إله المتقابلين، خالق الخصمين والحاكم بين المتضادين وهكذا حتى قيل أنهم ثقاة الصفات حقيقة ومعطلة الذات عن جميع الصفات.
وتفرعت من طائفة الاسماعيلية طائفة قيل لها الاسماعيلية الواقفية.
قالوا: إن الإِمام بعد جعفر الصادق ابنه إسماعيل نصا عليه باتفاق من أولاده إلا أنهم اختلفوا في موته في حال حياة أبيه.
فمنهم من قال أنه لم يمت حقيقة وإنما أظهر موته تقية من خلفاء بنى العباس وعقد محضرًا وأشهد عليه عامل المنصور بالمدينة.
ومنهم من قال: إن الموت صحيح وحقيقى والفائدة في النص على إمامة من يموت في حياة أبيه الذي نص عليه بقاء الإِمامة في أولاد المنصوص عليه الذي مات دون غيره. فالإِمام بعد إسماعيل ابنه محمد بمقتضى النص وهؤلاء يقال لهم المباركية ..
ثم منهم من وقف على محمد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته ومنهم من قال: الإِمامة بعده في المستورين منهم في القائمين الظاهرين القائمين من بعدهم .. وهذه فرقة الوقف على إسماعيل بن جعفر الصادق ومحمد بن إسماعيل ..
وقال ابن حزم الظاهرى في كتابه المشار إليه: اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإِمامة وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا: لا يلزم الأمة فرض الإِمامة وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم وهذه فرقة ما نرى بقى منهم أحد وهم المتسربون إلى نجدة بن عامر الحنيفى القائم باليمامة .. وقول هذه الفرقة ساقط يكفى في الرد عليه وإبطاله إجماع كل من ذكرنا على بطلانه والقرآن والسنة