للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكفء ودعا وليها لكفء آخر - بعد أن يسأله عن وجه امتناعه ولا يظهر له وجه صحيح، وأما إن سأله عن وجه امتناعه فأبدى له وجهه ورآه صوابا ردها إليه. ثم إن امتنع بعد أمر الحاكم زوجها الحاكم أو وكل من يعقد عليها ولو أجنبيا عنها لأن الولى يصير عاضلا برده أول كفء ولا ينتقل بسبب امتناعه من تزويجها لكفئها الحق إلى الأبعد، مثله في التوضيح، وخالف في ذلك ابن عبد السلام رضى الله تعالى عنه فقال: إنما يزوجها الحاكم عند عدم الولى غير العاضل، وأما عند وجوده فينتقل الحق للأبعد؛ لأن عضل الأقرب واستمراره على الامتناع صيره بمنزلة العدم فينتقل الحق للأبعد، وأما الحاكم فلا يظهر كونه وكيلا له إلا إذا لم يظهر منه امتناع كما لو كان غائبا مثلا، وما ذكره ابن عبد السلام استصوبه شيخنا. ولا يعد الأب المجبر عاضلا لمجبرته برده لكفئها ردا متكررًا، وذلك لما جبل عليه الأب من الحنان والشفقة على بنته ولجهلها بمصالح نفسها، فربما عَلِمَ الأب من حالها أو من حال الخاطب ما لا يوافق فلا يعد عاضلا بما ذكر حتى يتحقق عضله، وفى البدر القرافى عن ابن حبيب - رضى الله تعالى عنه: منع مالك رضى الله تعالى عنه بناته وقد رغب فيهم خيار الرجال، وفعله العلماء قبله وبعده وحاشاهم أن يقصدوا به الضرر. ومثل الأب المجبر وصيه المجبر، وقيل إن الوصى المجبر يعد عاضلا برد أول كفء وهو ظاهر خليل. هذا في المجبرة أما غير المجبرة سواء كان ثيبًا أو بكرًا مرشدة فيعد الأب عاضلا برد أول كفء كما أن غيره من الأولياء كذلك. فإذا تحقق عضله أمره الحاكم بالتزويج، فإذا امتنع منه بعد أمره به زوج الحاكم، ولا يسأله الحاكم عن وجه امتناعه إذ لا معنى للسؤال مع تحقق العضل (١)، وإذا رضى الولى بغير كفء وزوجها منه ثم طلقها طلاقًا بائنًا أو رجعيًا وانقضت العدة وأراد عودها فرضيت الزوجة وامتنع الولى منه فليس له الامتناع حيث لم يحدث ما يوجب الامتناع لأن رضاه أو لا أسقط حقه من الامتناع؛ ويعد عاضلا إن امتنع، فإن حدث عيب بأن زاد فسق فله الامتناع. أما إذا كان الطلاق رجعيا ولم تنفض العدة فهى زوجة فلا كلام لها ولا لوليها (٢) وإذا كلم السيد في إجازة نكاح عبده فامتنع ابتداء بأن قال لا أجيزه فقط أو لا أمضى مافعله من غير أن يقول فسخت أو رددت نكاحه فإن له أن يجيز إن قرب وقت الإِجازة من الامتناع كيومين فأقل. والأيام الثلاثة فما فوفها طول فلا تصح الإِجازة بعدها. وأما إذا لم يحصل منه امتناع - بأن كلم في اجازة النكاح فسكت - فله الاجازة ولو طال الزمن. هذا إذا لم يرد السيد بامتناعه الفسخ، فإن أراد به الفسخ فلا تصح اجازته بعد ذلك (٣).


(١) الشرح الكبير لأبى البركات سيدى أحمد الدردير وحاشية الدسوقى عليه لشمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقى جـ ٢ ص ٢٣١، ص ٢٣٢ في كتاب على هامشه الشرح المذكور مع تقديرات للعلامة المحقق الشيخ محمد عليش طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر.
(٢) المرجع السابق جـ ٢ ص ٢٤٩.
(٣) المرجع السابق جـ ٢ ص ٢٤٣ نفس الطبعة.