العدل المهر؛ لما فيه من فصل الخصومة، قال الإمام رضى الله تعالى عنه: فلو هم بالوطء بعد أن تسلمت المهر فامتنعت فالوجه استرداده. واقتصار صاحب المنهاج على هذه الأقوال الثلاثة يشعر بأنه لا يجئ قول رابع بإجبار الزوجة، وهو كذلك كما صرح به الإِمام لفوات البضع عليها بالتسليم، واستشكل ابن الرفعه القول الأول المرجح بالوضع عند عدل بأنه إن كان نائبا عن الزوجة فالمجبر الزوج وهو القول الأول، وإن لم يكن نائبا عنها فقد أجبرت أولا ولا قائل به، وأجاب بأنه نائب عنها كما قال الأصحاب لكنه ممنوع من تسليم المهر إليها، وهى ممنوعة من التصرف فيه قبل التمكين بخلافه على القول الأول فإنها تتصرف فيه بمجرد قبضه، وأجاب آخر بأنه نائبهما واستشهد له بمقتضى كلام الأصحاب المذكور، وأجاب آخر بأنه نائبه، ولا محظور في إجباره لزوال العله المقتضية لعدم إجبارها، وأجاب آخر بأنه نائب الشرع لقطع الخصومة بينهما وهذا أولى. ولو بادرت الزوجة فمكنت الزوج طالبته بالمهر على كل قول لأنها بذلت ما في وسعها، ولها حينئذ أن تستقل بقبض الصداق بغير إذن الزوج كنظيره في البيع، فإن لم يطأ جاز لها الامتناع من تمكينه حتى يسلم المهر لأن القبض في النكاح بالوطء دون التسليم، فإن وطأها بتمكينها منه مختارة مكلفة ولو في الدبر فلا يجوز لها الامتناع كما لو تبرع البائع بتسليم المبيع فليس له استرداده ليحبسه، أما إذا وطئت مكرهه أو غير مكلفة لصغر أو جنون فلها الامتناع لعدم الاعتداد بتسليمها. نعم لو سلم الولى المجنونة أو الصغيرة لمصلحة فينبغى - كما في الكفاية - أنه لا رجوع لها وإن كما كما لو ترك الولى الشفعة لمصلحة ليس للمحجور عليه الأخذ بها بعد زوال الحجر على الأصح، بخلاف ما لو سلمها لغير مصلحة، بل المحجور عليها لسفه لو سلمت نفسها ورأى الولى خلافه فينبغى - كما قال شيخنا رضى الله تعالى عنه - أن يكون له الرجوع وإن وطئت. ولو بادر الزوج فسلم المهر فلتمكن زوجها وجوبا إذا طلبه لأنه فعل ما عليه، فإن امتنعت الزوجة من تمكين زوجها بلا عذر منها استرد المهر منها إن قلنا بالمرجوح أنه يجبر على التسليم أولا لأنه لم يتبرع، أما إذا قلنا بالراجح - وهو أنه لا يجبر أولا - لم يسترد لأنه تبرع بالمبادرة فكان كتعجيل الدين المؤجل. ولو استمهلت هي أو وليها لتنظيف ونحوه كإزالة وسخ وشعر عانه وشعر إبط أمهلت وجوبا على الأظهر ولو قبضت المهر وقيل قطعا ما يراه قاض كيوم أو يومين سواء كانت طاهرا أم حائضا أم نفساء، ولا يجاوز ثلاثة أيام بلياليها لأن الغرض من ذلك يحصل فيها ولأنها أقل الكثير وأكثر القليل لا لينقطع حيض أو نفاس فلا تمهل لذلك بل تسلم للزوج حائضا ونفساء لأنها محل للاستمتاع في الجملة وإنما تعذر نوع منه كالقرناء والرتقاء، قال الغزالى رضى الله تعالى عنه إلا إذا علمت من عادته أنه يغشاها في الحيض فلها الامتناع من مضاجعته، ولو كانت مدة الحيض لا تزيد على مدة الإِمهال للتنظيف ونحوه أمهلت كما قاله في التتمة. ولا تسلم صغيرة لا تحتمل الوطء، ولا مريضة ولا من بها هزال تتضرر بالوطء معه، حتى يزول مانع وطء لأنه يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به. قال الخطيب: شمل إطلاق النووى ما لو قال الزوج سلموها لى ولا أطأها حتى تحتمله وهو الأصح المنصوص كما قاله