للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإحسان" (١)، وأما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا أعسر الرجل بنفقة أهله فرق بينهما"، ومن القياس على ما يثبت به الفسخ من العيوب، وما ذلك إلا لما عليها من المضرة والمضرة بترك الإِنفاق أعظم وأبلغ الجواب على ما ذكروا أما الآية فليس فيها أكثر من أن الزوج مأمور بالتسريح إذا لم يمسكها بالمعروف، وأما الخبر فيحمل على أن المراد من منع مداناتها، وأما القياس على عيوب النكاح فلا وجه له، وإلا لزم أن تكون هي التي تفسخ ولا تحتاج إلى فسخ الحاكم إلا مع المشاجرة كالعيوب. وقد ذهب إلى هذا على عليه السلام وعمر وأبو هريرة والحسن البصرى وابن المسيب وحماد وربيعة ومالك وأحمد رضى الله تعالى عنهم، وقواه الإمام شرف الدين والإِمام عز الدين، وهو اختيار السيد محمد بن إبراهيم الوزير والإِمام القاسم بن محمد والمفتى والشامى، قال في الانتصار: وهو المختار واختلف أصحاب الشافعي رضى الله تعالى عنهم إذا أعسر ببعض النفقة أو بنفقة الخادم أو بالكسوة أو بالسكنى هل نفسخ أم لا أصحهما الفسخ للكسوة لا لغيرها لأن الكسوة كالنفقة. ثم إن مالكا رضى الله تعالى عنه قال يفسخ بطلقة رجعية فإن أيسر في العدة عادت زوجته بغير رجعه، وقال الليث رحمه الله تعالى يفسخ بطلقة بائنة ويطلقها الحاكم. وغيرهما يقول بالفسخ من غير طلاق، قال في الانتصار إذا قلنا هو طلاق رفع إلى الحاكم ليطلق، فإن امتنع طلق عنه. ولا يجوز لها أن تمتنع منه مع الخلوة وإلا كانت ناشزة إلا أن تمتنع لمصلحة وذلك بأن يغلب على الظن أنه مع موافقتها إياه يستمر على التمرد وعدم الإنفاق لحصول غرضه لموافقته فإن لها أن تمتنع بأمر الحاكم لتكون أقرب إلى امتثاله بالمطلوب - وظاهر المذهب أن لها أن تمتنع ولو بغير أمر الحاكم وتسقط نفقتها، وقال المفتى إذا جاز لها الامتناع لم تسقط - وكذلك إذا كان الحبس غير مستور أو غير خال من الناس فلها الامتناع أو قصد مضارتها، ولها أن تحلفه. وإذا شكت المرأة تضييق الزوج عليها في النفقة وضعت عند عدله من النساء أو عدل من المحارم، ويؤخذ لها من الزوج ما تستحقه إذا وجد أي إن الحاكم يفرض لها ما تستحقه ثم توضع عند عدلة. والقول لمن صدقته تلك العدلة منهما في العشرة والنفقة، فإن صدقت الزوج فالقول قوله، وإن صدقت الزوجة فالقول قولها، وهذه العدلة يجب نفقتها على الطالب، فإن طلبها الزوج كانت عليه، وإن طلبتها الزوجة أنفقتها قال أبو العباس رضى الله تعالى عنه: هذا إذا لم يكن ثم بيت مال فإن كان فنفقتها منه كأجرة السجان. وقال مولانا عليه السلام: الأولى أن تكون كالقسام فتكون نفقتها عليهما جميعا. والقول للمطيعة في نفس النشوز الماضي وقدره فإذا كانت الزوجة مطيعة للزوج في الحال وادعى عليها أنها كانت ناشزة فأنكرت ذلك أو أقرت واختلفا في قدر مدة النشوز فالقول قولها في نفيه بالمرة إن أنكرته وفى قدره إن أقرت به واختلفا في مدته، وأما إذا كانت عاصية في الحال فالقول قول الزوج، وأما إذا كانت الزوجة في غير بيته بل في بيتها أو في بيت أهلها أو في غيرهما بإذنه وأنكرت إنفاقه عليها مدة ما هي في غير بيته فالقول قولها في


(١) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.