للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجب له من الكسوة ما يستر عورته ويقيه الحر والبرد من أي لباس كان من صوف أو قطن فيكون السيد مخيرا بين القيام بمؤنته أو تخلية القادر يتكسب لنفسه، فإن تمرد السيد أجبره الحاكم على أحدهما، فأما لو لم يكن ثم حاكم أو كان لا يستطيع إجباره فللعبد أن يدفع الضرر عن نفسه بالانضواء إلى حيث يمكنه المراجعة بالإِنصاف فإن أنصف وإلا تكسب بقدر ما يستطيع من الخدمة فينفق على نفسه ويدفع الفضلة إلى سيده، فإن نقص كسبه عن الإنفاق وفاه السيد للشبع، قال في الحاشية: والمراد بتوفية السيد إياه أن التخلية لا تسقط النفقة عن السيد الممتنع عن إنفاقه، بل يقترضها الحاكم ويرجع بها على السيد. وإن لم يكن العبد قادرا على التكسب ولم ينفقه سيده كلف إزالة ملكه بعتق أو بيع أو نحوهما فإن تمرد السيد عن ذلك فالحاكم يبيعه عليه وذلك لأن الحاكم منصوب لمصالح المسلمين ودفع المضار وفصل الشجار وإيصال الحقوق إلى أهلها، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله الله في الضعيفين النساء والعبيد. قال عليه السلام وليس للحاكم أن يعتقه لأنه تفويت منافع من دون استحقاق، وله أن يكاتبه، فإن لم يكن ثمة حاكم أعتق نفسه، وقيل له أن يبيع نفسه كذلك. وللحاكم أن يستدين له عن السيد أو ينققه من بيت المال دينا أو مواساة على ما يراه إذا كان سيده مستحقا من بيت المال. ولا يلزم السيد إذا اضطر العبد أو الأمة إلى النكاح أن يعفه بالإِنكاح إلا أن يتضرر بتركه فيجب على السيد ويصير من باب الدواء، وقيل لا يجب. ويجب سد رمق من خشى عليه التلف أو الضرر من بنى آدم وهو محترم الدم كالمسلم والذمى لا الحربى فلا يجب إذ ليس بمحترم الدم. وهل يلزم ذلك في سائر الحيوانات التي لا تؤكل ولا يجوز قتلها؟ قال عليه السلام: عموم كلام الأزهار يقتضى ذلك وهو المفهوم من كلام أصحابنا في باب التيمم، أعنى أنه يجب سد رمقها، فأما لو كانت مما تؤكل أو تُقبل لم يجب لكنه يجب تذكية ما يؤكل حيث يخشى هلاكه، وهل تجب التذكية ولو كان مالكها غائبا أو ممتنعا؟ قال عليه السلام: الأقرب أن لا يلزمه تذكيته إلا حيث معه بينة يأمن معها التضمين ولا يبعد أن يجوز، قال المؤيد بالله يجب سد رمق محترم الدم اللقيط وغيره ولو بنية الرجوع عليه أو على مالكه أو مواساة، وقال أبو طالب: لا يصح الرجوع عليه، وهذا الخلاف إذا لم يسلمها بشرط الضمان وإلا لزم، فإن سكت فالخلاف، ويلزم على قول أبى طالب أن لا يلزم. فإن بذل المالك تسليم ماله للمضطر على عوض فله ذلك إلى قدر قيمته، فإن امتنع المضطر لم يلزم المالك بذله بلا عوض إذا كان المضطر قد ضعف جدا بحيث لا يتمكن من بذل العوض لزم المالك إطعامه بنية الرجوع عليه متى أمكنه. وذو البهيمة يجب عليه أن يعلف بهيمته علفا مشبعا أو يبيع تلك البهيمة أو يسيب في موضع مرتع، قال الإِمام يحيى: هذا إذا كانت ترتعى ما يكفيها بأن يكون هذا المرتع خصيبا فأما التسييب في المدن فإنه لا يكفى بل يجبر على إنفاقها، فإن كان عادتها أنها لا تأخذ ما يكفيها وجب على صاحبها تمام كفايتها. فأما لو خشى عليها السبع في المرتع قال مولانا عليه السلام: فالأقرب أنه يلزمه حفظها وإنفاقها وهى ملكه إذا سيبها غير راغب عنها، فإن رغب عنها فحتى تؤخذ، أي لا تخرج عن ملكه حتى تؤخذ فمتى أخذها الغير في الطرف الأخير ملكها (١). ويجب على الشريك في العبد


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ٥٥٣ وما بعدها إلى ص ٥٥٥ نفس الطبعة.