للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البائع الرهن لم يبطل الرهن، وللبائع أن يأخذه منه رهنا ما لم يقم عليه الغرماء، وقال ابن الحاجب في الكافى: إن شرط رهنا مطلقًا بغير عينه ثم أبى المشترى من دفعه خير البائع في إمضاء البيع بغير رهن وفى فسخه. قال ابن عرفة: قول ابن الحاجب يخير البائع وشبهه في الفسخ في غير المعين وهو مدلول قول المدونة (١). قال صاحب مواهب الجليل: وإذا باع الراهن الرهن قبل أن يقبضه المرتهن، فإن كان بتفريط منه مضى البيع وليس له أخذه برهن آخر، قاله في المدونة، قال في التوضيح: وأما إذا كان المرتهن لم يفرط، وإنما بادر الراهن إلى البيع ففى إمضاء البيع كما في التفريط وعدم إمضائه تأويلان. وقال ابن رشد رضى الله عنه: أنه ليس له رد البيع وإنما له فسخ البيع عن نفسه لأنَّهُ إنما دخل على ذلك الرهن بعينه ذكر ذلك في رسم الرهون من سماع عيسى من كتاب الرهون (٢). قال في المدونة: وإذا تعدى المرتهن فباع الرهن أو وهبه فلربه رده حيث وجده فيأخذه ويدفع ما عليه فيه ويتبع المبتاع بائعه فيلزمه بحقه، قال اللخمى رحمه الله تعالى: يريد إذا بيع بعد الأجل فيدفع الراهن للمرتهن ما عليه ويأخذ رهنه ويتبع المشترى المرتهن بالثمن، وإن كان وهبه دفع الدين للمرتهن وأخذه من الموهوب له ولا شئ للموهوب له على الواهب، وإن غاب المرتهن واختلف الدين والثمن فإن كان الدين أكثر دفع إلى المشترى ثمنه ووقف السلطان الفضل، وإن كان الثمن أكثر أخذ الدين واتبع البائع بالفضل وإن باعه بعرض أو مكيل أو موزون ثم غاب فإن السلطان يقبض الدين من الراهن ويدفع إليه الرهن ويشترى من الدين مثل ما قبضه المرتهن من المشترى، فإن فضل للغائب شئ وقف له وإن فضل عليه شئ اتبع به وإن كان باعه بعرض دفع قيمته. وقال ابن يونس رحمه الله تعالى: يريد أنه باعه بعد الأجل، وأما إن باعه قبل حلول الأجل فيخير الراهن في إجازة البيع وقبض الثمن ولا يرده للمرتهن ويجعله بيد عدل رهنا إلى أجله إلا أن يأتى برهن ثقة فله قبض الثمن ويوقف له الرهن وكذلك إن أراد البيع فإن الرهن يوقف بيد عدل لئلا يبيعه ثانية. قال الحطاب: ويؤخذ من كلام اللخمى المتقدم أن المرتهن إذا غاب وكان الرهن موجودا وحل الأجل فيقبض السلطان الدين من الراهن للمرتهن ويدفع الرهن للراهن وهو بين. قال في التوضيح: وإذا رفع المرتهن الأمر إلى الحاكم أمره بالوفاء فإن لم يكن عنده شئ وقال صاحب البيان أو ألد أو غاب باع الحاكم عليه الرهن بعد أن يثبت عنده الدين والرهن، وقال في البيان: اختلف، هل عليه أن يثبت ملك الراهن له؟ على قولين يتخرجان على المذهب، وذلك عندى إذا أشبه أن يكون له، وأما إن لم يشبه كرهن الرجل حليا أو ثوبا لا يشبه لباسه وكرهن المرأة سلاحا فلا يبيعه إلا السلطان بعد إثبات الملك (٣). وروى صاحب التاج والإكليل عن المدونة أن من ارتهن نخلا ببئرها أو زرعا أخضر ببئره فانهارت البئر فأبى الراهن أن يصلح فأصلحها


(١) التاج والإكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدوى الشهير بالمواق جـ ٥ ص ١٧ في كتاب على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب الطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ.
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب جـ ٥ ص ١٩ في كتاب على هامشه التاج والإكليل للمواق الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ٥ ص ٢٣ نفس الطبعة.