للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو غلت (١). وإذا أقرضه ما لحمله مؤنة ثم طالبه بمثله ببلد آخر لم يلزمه لأنه لا يلزمه حمله له إلى ذلك البلد، فإن طالبه بالقيمة لزمه لأنه لا مؤنة لحملها، فإن تبرع المستقرض بدفع المثل وأبى المقرض قبوله فله ذلك لأن عليه ضررا في قبضه لأنه ربما احتاج إلى حمله إلى المكان الذي أقرضه فيه، وله المطالبة بقيمة ذلك في البلد الذي أقرضه فيه لأنه المكان الذي يجب التسليم فيه، وإن كان القرض أثمانا أو مالا مؤنة في حمله وطالبه بها وهما ببلد آخر لزمه دفعه إليه لأن تسليمه إليه في هذا البلد وغيره واحد (٢).

ومن طلب منه حق فامتنع من دفعه حتى يشهد القابض على نفسه بالقبض نظرت فإن كان الحق عليه بغير بينة لم يلزمه القاضي بالإشهاد لأنه لا ضرر عليه في ذلك فإنه متى ادعى الحق على الدافع بعد ذلك قال لا يستحق على شئ، والقول قوله مع يمينه، وإن كان الحق ثبت ببينة وكان من عليه الحق يقبل قوله في الرد كالمودع والوكيل بغير جعل فكذلك لأنه متى ادعى عليه حق أو قامت به بينة فالقول قوله في الرد وإن كان ممن لا يقبل قوله في الرد أو يختلف في قبول قوله كالغاصب والمستعير والمرتهن لم يلزمه تسليم ما قبله إلا بالإشهاد لئلا ينكر القابض القبض ولا يقبل قول الدافع في الرد وإن قال لا يستحق على شيئا قامت عليه البينة أو إذا أشهد على نفسه بالقبض لم يلزمه تسليم الوثيقة بالحق إلى من عليه الحق لأن بينة القبض تسقط البينة الأولى، والكتاب ملكه فلا يلزمه تسليم إلى غيره (٣). ولو كان ما أقرضه موجودا بعينه فرده من غير عيب يحدث فيه يلزم أن يقبله سواء تغير سعره أو لم يتغير، أما إن حدث به عيب فإنه لا يلزمه أن يقبله، وإن كان القرض فلوسا أو مكسرة فحرمها السلطان وتركت المعاملة بها كان للمقرض قيمتها ولم يلزمه أن يقبلها سواء كانت قائمة في يده أو استهلكها لأنها تعيبت في ملكه، نص على ذلك الإمام أحمد رضى الله تعالى عنه في الدراهم المكسرة. وقال يقومها؛ كم تساوى يوم أخذها ثم يعطيه، وسواء نقصت قيمتها قليلا أو كثيرا، قال القاضي رحمه الله تعالى: هذا إذا اتفق الناس على تركها، فأما إن تعاملوا بها مع تحريم السلطان لزمه أن يأخذها، وأما رخص السعر فلا يمنع ردها سواء كان كثيرا - مثل إن كانت عشرة بدانق فصارت عشرين بدانق - أو قليلا لأنه لم يحدث فيها شئ إنما الذي حدث هو تغيير السعر فأشبه الحنطة إذا رخصت أو غلت (٤) وإذا أقرضه ما لحمله مؤنة ثم طالبه بمثله في بلد آخر لم يلزمه ذلك لأنه لا يلزمه أن يحمله له إلى ذلك البلد، فإن طالبه بالقيمة لزمه لأنه لامؤنة لحملها، فإن تبرع المستقرض بدفع المثل وأبى المقرض أن يقبله فله ذلك لأن عليه ضررا في قبضه لأنه ربما احتاج إلى حمله إلى المكان الذي أقرضه فيه وله أن يطالبه بقيمة ذلك في البلد الذي أقرضه فيه، لأنه المكان الذي يجب عليه أن


(١) المرجع السابق جـ ٤ ص ٣٦٥ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ٣٦٥ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق جـ ٥ ص ١٣٦ نفس الطبعة.
(٤) المرجع السابق جـ ٤ ص ٣٢٥ نفس الطبعة.