للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجب القصاص على ما نقله الرافعى عن القاضي حسين وغيره وهو المعتمد وكذلك يجب القصاص إن طرحه ولو غير مكتوف في مضيق مع سبع يقتل غالبا كنمر وذئب أو حبسه مع السبع في بيت صغير أو بئر فقتله أو جرحه جرحا يقتل غالبا ومات به؛ لأنه ألجأ السبع إلى قتله، لأن الحيوان الضارى حينئذ يصير كالآلة.

وإن كتفه وتركه في موضع فيه حيَّات فعضته فمات لم يجب القصاص سواء كان المكان ضيقا أو متسعا، لأن الحية تهرب بطبعها من الآدمى فلم يكن تركه معها ملجئا إلى قتله بخلاف السبع فإنه يثبت عليه في المضيق دون المتسع (١).

وإن أمسك شخصا وكتفه وألقاء مكتوفا في ماء مغرق فمات وجب القصاص، لأن إلقاءه فيه مع عدم تمكنه من النجاة مهلك غالبا. وسواء كان يجيد السباحة أم لا، لأنه لا يقدر عليها مكتوفا. وكذلك الحكم إن كان الماء لا يعد غرقا ويمكنه الخلاص منه عادة إذا مات بدون تقصير منه.

وكذلك يجب القصاص إن ألقاه غير مكتوف وهو لا يحسن السباحة أو كان زمنا أو ضعيفا فمات. وإن منعه من السباحة التي يحسنها عارض بعد الإلقاء كريح وموج مات فشبه عمد تترتب عليه آثاره. وإن أمكنه السباحة فتركها خوفا أو عنادا فلا دية ولا كفارة في الأظهر لأنه المهلك لنفسه، إذ الأصل عدم الدهشة.

ولو ألقاه مكتوفا بالساحل فزاد الماء وأغرقه فإن كان بمحل تعلم زيادته فيه غالبا فقتل عمد يوجب القصاص، وإن كانت الزيادة نادرة فشبه عمد؛ وإن كان لا يتوقع زيادة فيه فاتُّفِق سيلٌ نادرٌ فخطأ محض تجب فيه الدية مخفّفة. (٢)

وإن أمسك شخصٌ كلبا عقورا أو نحوه كدابة رموح (٣) وربطه بباب داره أو دِهْليزها (٤) ودعا إليه رجلا فعقره الكلب أو رفسته الدابة فمات فلا ضمان على من أمسك الكلب لا بقصاص ولا دية ولا كفارة. لأن الكلب ونحوه ظاهر يمكن دفعه بعصا ونحوها (٥).

وكذلك إن أمسك الكلبّ أو الدابة بداخل داره ودخلها رجل بغير إذن أو بإذن ولكنه أعلمه بحال الكلب أو الدابة فعضه الكلب أو رفسته الدابة فلا ضمان على الممسك لأن الداخل حينئذ هو المتسبب: في هلاك نفسه.

أما إن دخل الدار بإذن صاحبها ولم يعلمه بحال الكلب أو الدابة فعضّه الكلب أو رفسته الدابة فإنه يضمن وإن كان الداخل بصيرا كما لو وضع بين يديه طعاما مسموما فأكله (٦).

ويجوز إمساك الخمر المحترمة وهى التي يقصد بعصيرها الخل فإذا استحكمت الخمرة


(١) أسنى المطالب شرح روض الطالب السابق جـ ٤ ص ٩ - ١٠ الطبعة السابقة.
المهذب للشيرازى السابق جـ ٢ ص ١٧٦ طبعة مطبعة الحلبى سنة ١٣٧٦ الطبعة السابقة.
(٢) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج بحاشية الشبراملسي السابق ص ١٠ الطبعة السابقة.
(٣) رموح من رمح كمنع يقال: رمحه الفرس أي رفسه (انظر القاموس المحيط جـ ١ ص ٢٢٢ الطبعة الثالثة بالطبعة الأميرية).
(٤) الدهليز بالكسر ما بين الباب والدار. وجمعه الدهاليز (انظر القاموس المحيط جـ ٢ ص ١٧٤).
(٥) أسنى الطالب السابق جـ ٤ من ١٠ الطبعة السابقة
(٦) المرجع السابق ص ١٧٣ الطبعة السابقة