للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء في (المغنى) أيضًا: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم إذا مَرَّ بين يدى المصلى. هذا هو المشهور عن أحمد - رحمه الله -، وهو قول عائشة - رضى الله عنها -، وحكى عن طاوس. وروى عن معاذ ومجاهد أنهما قالا: الكلب الأسود البهيم شيطان يقطع الصلاة (١). ومعنى البهيم: الذي ليس في لونه شئ سوى السواد. وعن أحمد رواية أخرى: أنه يقطعها الكلب الأسود، والمرأة إذا مرت والحمار (٢).

ومن صلى إلى سترة فمر من ورائها ما يقطع الصلاة لم ينقطع، وإن مَرَّ من وراثها غير ما يقطعها لم يكره، وإن مَرَّ بينه وبينها قطعها إن كان مما يقطعها، وإن لم يكن بين يديه سترة فمر بين يديه قريبًا منه ما يقطعها قطعها. وإن كان مما لا يقطعها كره، وإن كان بعيدًا لم يتعلق به حكم.

هذا ولا يوجد من حَدَّ البعيد من ذلك ولا القريب إلا أن عكرمة قال: إذا كان بينك وبين الذي يقطع الصلاة قذفة بحجر لم يقطع الصلاة.

وإذا صلى إلى سترة منصوبة فاجتاز وراءها كلب أسود، فهل تنقطع صلاته؟ فيه وجهان أحدهما: تبطل صلاته؛ لأنه ممنوع من نصبها والصلاة إليها فوجودها كعدمها. والثانى: لا تبطل (٣).

وينقطع التطوع بجلوس الإمام على المنبر، فلا يصلى أحد غير الداخل، يصلى تحية المسجد ويتجوز فيها؛ لما روى ثعلبة بن أبى مالك أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب - - رضي الله عنه - يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتكلم أحد (٤). وهذا يدل على شهرة الأمر بينهم (٥).

وجاء في (المغنى) أيضًا: أنه: إذا دخل في الصلاة بنية مترددة بين إتمامها وقطعها لم تصح؛ لأن النية عزم جازم، ومع التردد لا يحصل الجزم، وإن تلبس بالصلاة بنية صحيحة ثم نوى قطعها والخروج منها بطلت؛ لأنه قطع حكم النية قبل إتمام صلاته ففسدت، كما لو سلم ينوى الخروج منها، ولأن النية شرط في جميع الصلاة وقد قطعها بما حدث ففسدت لذهاب شرطها. فأما إن تردد في قطعها فقال ابن حامد: لا تبطل؛ لأنه دخلها بنية متيقنة فلا تزول بالشك والتردد كسائر العبادات. وقال القاضي: يحتمل أن تبطل؛ لأن استدامة النية شرط، ومع التردد لا يكون مستديمًا لها فأشبه ما لو نوى قطعها.

وإذا أحرم بفريضة ثم نوى نقلها إلى فريضة أخرى بطلت الأولى؛ لأنه قطع نيتها، ولم تصح الثانية؛ لأنه لم ينوها من أولها، فإن نقلها إلى نفل لغير فرض فقال القاضي: لا يصح، رواية واحدة. وقال في الجامع: يخرج على روايتين. وقال أبو الخطاب: يكره ويصح؛ لأن النفل يدخل في نية الفرض. بدليل ما لو أحرم بفرض فبان أنه لم يدخل وقته. وصحة نقلها إذا كان لغرض.


(١) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، باب من قال: يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار.
(٢) المرجع السابق: ٢/ ٨٠.
(٣) المرجع السابق: ٢/ ٨٤ - ٨٥.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) المغني والشرح الكبير: ٢/ ١٦٥.