للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينفسخ بينهما ويحل وطؤها بعد الاستبراء بحيضة ولا عدة؛ لأنها صارت أمة إلّا في صورة واحدة. فإنه لا ينقطع بينهما، وهى ما إذا أسلم الحربي سواء كان عندنا بأمان أو جاء إلينا ثم سبينا زوجته ثم أسلمت بعد ذلك في العدة فإنهما يقران على نكاحهما ترغيبًا في الإسلام؛ لأنها صارت أمة مسلمة تحت حر مسلم؛ فإن لم تسلم فرق بينهما؛ لأنها أمة كتابية تحت مسلم، وهو لا يجوز له أن يتزوج الأمة الكافرة؛ وإنما له أن يطأها بالملك. وأما الحربي إذا أسلم وفر إلينا أو بقى في بلاده حتى غنمنا بلاده فإن ولده الذي حملت به أمه قبل إسلامه رق، وأما زوجته فهى غنيمة اتفاقًا، وكذا مهرها، وإذا كانت غنيمة فقيل: يفسخ نكاحه لملكه جزءًا منها. وعلى قول ابن القاسم لو سرق من الغنيمة يقطع؛ ولا فرق في ولده بين الصغير والكبير بقى الحربي ببلده؛ أو خرج إلينا وترك ماله وولده؛ ولا فرق في ولده بين الصغير والكبير، بقى الحربي ببلده؛ أو خرج إلينا وترك ماله وولده؛ أسلم عندنا في أمانه أو في بلاده؛ وأما ولده الذي حملت به بعد إسلام الأب فإنه لا يرق اتفافًا، والحربي إذا سبى حرة مسلمة أو حرة كتابية فوطئها وأتت بأولاد عنده ثم غنم المسلمون ذلك الحربي والحرة والأولاد فإن الأولاد الصغار الذين حدثوا من المسلمة أو من الكتابية عند الحربي لا يكونون فيئًا على المشهور بل أحرارًا تبعًا لأمهم بخلاف الكبار ففيء.

وأما المسبية إذا كانت أمة وأتت بأولاد عند الحربي ثم غنمها المسلمون فالمشهور أنهم لمالكها مسلمًا أو ذميًا سواء كانوا صغارًا أو كبارًا من زوج أو غيره؛ لتبعية الولد لأمه في الرق والحرية. والولد يتبع أمه في الرق والحرية؛ ولأبيه في الدين والنسب وأداء الجزية. وقد صرح أبو الحسن في شرح الرسالة بأن ولد الزنا يتبع أمه في الرق والحرية والإسلام؛ وفى ابن ناجى في (شرح المدونة) ما يفيده؛ وبه يعلم ما في (شرح الخرشى) (١):

ثم قال: أما الذمى إذا خرج من دار الإسلام لدار الحرب لغير مظلمة لحقته ناقضًا للعهد وأخذناه فإنه يسترق؛ وإنما نص على الاسترقاق، - وإن كان الإمام يُخَيَّر فيه كما في الأسير - لرد قول أشهب أنه لا يسترق؛ لأن الحر لا يعود إلى الرق أبدًا؛ ووجه المشهور أن الحرية لم تثبت له بعتاقة من رق متقدم فلا تنقض.

وجاء في الدسوقى على الشرح الكبير: أن المرتد إذا كان حرًا وقتل بردته أو مات مرتدًا قبل القتل ففيء محله بيت المال. ولو ارتد لدين وارثه وبقى ولده الصغير مسلمًا؛ ولو ولد حال ردة أبيه. أي حكم بإسلامه ولا يتبعه فيجبر على الإسلام إن أظهر خلافه كأن ترك ولده ولم يطلع عليه حتى بلغ؛ وأظهر خلاف الإسلام فيحكم عليه بالإسلام ويجبر عليه ولو بالسيف؛ وأخذ من مال المرتد إن مات أو قتل على ردته أرش جنايته عمدًا على عبد أو ذمى؛ لا إن جنى المرتد عمدًا على حر مسلم فلا يؤخذ من ماله شئ لذلك؛ لأن حده القود وهو يسقط بقتله لردته؛ وإن هرب المرتد لدار الحرب بعد أن قتل حرًا مسلمًا فلا يؤخذ من ماله شئ؛ فإن رجع فعليه القتل لردته إن لم يسلم؛ فإن أسلم قتل قودًا.


(١) شرح الخرشى على مختصر خليل: (٢/ ١٤٢) وبهامشه حاشية العدوى.