للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل الدخول. وجميع المسمى ونفقة العدة إن كان بعد الدخول، وهذا بخلاف ما إذا أنكر الزوج أصل النكاح؛ لأن القاضي كَذَّبه في إنكاره بالحجة، والكذب في زعمه بقضاء القاضي لا يبقى لزعمه عبرة، وهنا القاضي ما كذبه في زعمه بالحجة، ولكنه رجَّح قولها للمعنى الذي قلنا، فبقى زعمه معتبرًا في حقه؛ فلهذا فرق بينهما (١).

وإذا ادعى على أحد الزوجين أن النكاح في صغره بمباشرته فهذا إنكار لأصل العقد؛ لأن الصغير ليس بأهل لمباشرة النكاح بنفسه، فإضافة النكاح إلى حالة معهودة تنافى الأهلية يكون إنكارًا لأصل العقد كما لو قال: تزوجتك قبل أن تخلقى أو قبل أن أخلق، وإذا كان القول قول المنكر منهما فلا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك، وإن كان دخل بها قبل الإدراك فلها الأقل من المسمى ومن مهر المثل؛ لوجود الدخول بحكم النكاح الموقوف، فإن عقد الصغير يتوقف على إجازة وليه إذا كان الولى يملك مباشرته، وإن كان الدخول بعد الإدراك فهذا رضىً بذلك النكاح وبعد الإدراك لو أجاز العقد الذي عقده في حالة الصغر جاز، كما لو أجاز وليه قبل إدراكه فكذلك بدخوله بها يصير مجيزًا، وإذا زوج الرجل امرأة بأمره ثم اختلفا فقال الوكيل: أُشْهِدت فيه على النكاح. وقال الزوج: لم تشهد فيه فإنه يفرق بينهما لإقراره. وعليه نصف الصداق لما قلنا إن إقراره بأصل عقد الوكيل إقرار بشرطه، وإن اختلفت المرأة ووكيلها في مثل ذلك، فالقول قول الزوج؛ لأنها أقرت بالوكالة، والنكاح فيكون ذلك إقرارًا منها بشرط النكاح، وكذلك لو قالت: لم يتزوجنى لا يلزمها إقرار الوكيل. وهو قول أبى حنيفة خلافًا لهما؛ لأن إقرار الوكيل بالنكاح في حال بقاء الوكالة صحيح، وكذلك وكيل الزوج إذا أقر بالنكاح وجحد الزوج فهو على الخلاف الذي بينا (٢).

وجاء في (بدائع الصنائع): ومن شروط لزوم النكاح خلو الزوج من عيوب الجب والعنة، فلو ادعت الزوجة أن زوجها عنين وطلبت الفرقة، فإن القاضي يسأله هل وصل إليها أو لم يصل؟ فإن أقر أنه لم يصل إليها أجلَّه سنة سواء كانت المرأة بكرًا أو ثيبًا، وإن أنكر وادعى الوصول إليها فإن كانت المرأة ثيبًا فالقول قوله مع يمينه أنه وصل إليها؛ لأن الثيابة دليل الوصول في الجملة. والمانع من الوصول من جهته عارض؛ إذ الأصل هو السلامة عن العيب، فكان الظاهر شاهدًا له إلا أنه يستحلف دفعًا للتهمة، وإن قالت: أنا بكر نظر إليها النساء، وامرأة واحدة تجزئ (٣).

وجاء في (بدائع الصنائع) أيضًا: وإذا زَوَّجَ الثيب البالغةَ ولىٌ فقالت: لم أرض ولم آذن، وقال الزوج: قد أذنت: فالقول قول المرأة؛ لأن الزوج يدعى عليها حدوث أمر لم يكن - وهو الأذن والرضا - وهى تنكر فكان القول قولها، وأما البكر إذا تزوجت فقال الزوج: بلغك العقد فسكت، فقالت: رددت، فالقول قولها عند أصحابنا الثلاثة. وقال زفر: القول قول الزوج، ووجه قوله


(١) المبسوط: ٥/ ٣٦.
(٢) المرجع السابق: ٥/ ٣٧، وما بعدها.
(٣) بدائع الصنائع: ٢/ ٣٢٣.