للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدعى عليه إلا في الدم خاصة، ومقتض التفصيل القاطع للشركة أنه لا يشترط ضمّ اليمين إلى البينة بمقتضى القاعدة إلا إذا كان هناك دليل خاص كما في الدعوى على الميت، وأنه لا يقبل من المدعى اليمين من غير رضى المدعى عليها (١). بل وكذا لا تقبل من المنكر البينة. وظاهر العلماء أيضا عدم قبولها منه؛ لأنها بينة نفى، وهى غير مقبولة لكن يمكن أن يقال - بناء على عموم حجة البينة: بل الذي يقتضيه إطلاق الأخبار الدالة على أن الفاصل هو البينة واليمين، وأنه لا مانع من كفاية البينة للمنكر أيضا إذا شهدت بالنفى على وجه الجزم، لا بالاعتماد على أصل العدم وأصل البراءة، كما إذا ادّعى على أحد أنه أتلف ما له العين لفلان. وأنكر المدعى عليه، وأقام بينته على النفى، وشهدت به لاطلاعها على أن المتلف غيره. وإن كان المنكر لا يدعى ذلك لجهله بالحال. فإذا شهدت البينة بأنه لم ينف لا مانع من سماعها، وإن كانت من بينته النفى، وإذا ضمت إلى قولها: لم يتلف. قوله أن المتلف فلان فأولى، ثم إن هذا الحكم جاز في جميع الدعاوى سواء كانت متعلقةٌ بالمال عينا ودينا أو بغيره من العقود والإيقاعات كالنكاح والطلاق والعتق وغيرها، نعم لا يجرى حكم اليمين في الحدود والظاهر عدم الخلاف فيه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يمين في حد. وإذا (٢) أجاب المدعى عليه بالإنكار وجب على الحاكم إذا لم يعلم المدعى أن عليه البينة أن يعرفه بذلك ثم يقول ألكّ بينة؟ فإن لم تكن عنده وجب أن يقول له حق الحلف إذا لم يعلم بذلك وحينئذ فإن التمس منه الاحتلاف أحلفه، ولا يجوز (٣) للحاكم أن يحلفه من دون سؤال المدعى، وكذا لا يجوز تبرع المنكر به قبل سؤاله بلا خلاف بالإجماع على الظاهر؛ لأنه حقه فيتوقف على مطالبته، وربما يتعلق غرضه بأن لا يحلفه مؤقتا لوجود شهود أو ارتداع المنكر عن إنكاره أو في الدعوى بالصلح، أو نحو ذلك، ويمكن أن يستدل عليه بصحيحة ابن أبي يعفور إذا أرضى صاحب (٤) الحق بيمين لمنكر لحقه واستحلف فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعى، وربما اشتمل من الأخبار على قوله استحلفه فإنه ظاهر في أنه متوقف على استحلاف المدعى. فلو أحلفه الحاكم أو تبرع به المنكر قبل سؤاله لم يعتد به، ويجب على الحاكم إعادته بعد سؤاله. وكذا لا يعتد بإحلاف المدعى من دون إذن الحاكم بلا خلاف لأصالة عدم ترتب الأثر. والحاصل أنه يمكن أن يستظهر من الأخبار أن ذلك من وظائف الحاكم، ومع قطع النظر عن ذلك ففى الإجماع والأصل كفاية، وإذا لم يكن للمدعى (٥) بينة واستحلف المنكر، فإما أن يحلف أو يرد أو ينكل، فإن حلف سقطت الدعوى في ظاهر الشرع لكن لا يبرأ من الحق لو كان كاذبا فيجب عليه التخلص من حق المدعى، وعلى ذلك فليس للمدعى دون الحلف ومطالبته بحقه ولا مقاصته. ولا يجوز له الدعوى ولا تسمع دعواه بالإجماع، والنصوص في نفى ذيل صحيحة ابن أبي يعفور


(١) العروة الوثقى: ٣/ ٥٨.
(٢) المرجع السابق:٣/ ٥٩.
(٣) المرجع السابق:٣/ ٩٥.
(٤) المرجع السابق:٣/ ٦٠.
(٥) المرجع السابق: ٣/ ٦٠.