للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما وجوبه بالقتل فلقول الله عز وجل:

«وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.}. الآية (١)».

وأما وجوبه بالدلالة فلما روى من حديث أبى قتادة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار اليها؟ قالوا لا. قال: فكلوا ما بقى من لحمها.

ووجه الاستدلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علق الحل على عدم الاشارة وهى الدلالة بغير اللسان، فأحرى ألا يحل له الأكل من الصيد اذا دل باللفظ‍ (٢).

والجزاء فى الصيد قيمته، وذلك بأن يقومه عدلان فى موضع قتله أو فى أقرب موضع منه، ان قتل فى برية، ثم هو مخير فى القيمة ان بلغت هديا اشتراه وذبحه أو اشترى طعاما وتصدق به على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير وان شاء صام عن كل نصف صاع يوما، وهذا عند الشيخين رحمهما الله تعالى.

وقال محمد: يجب النظير فيما له نظير، ففى الظبى شاة وفى الضبع شاة مثلا، ثم اذا ظهرت قيمته بتقويمها خير القاتل بين الأشياء الثلاثة عند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى.

وعند محمد الخيار الى الحكمين فى ذلك فان حكما بالهدى يجب النظير على ما مر، وان حكما بالطعام أو الصوم فعلى ما مر من قول الشيخين، وان جرح المحرم الصيد أو قطع عضوه أو نتف شعره ضمن ما نقص اعتبارا للجزء بالكل كما فى حقوق العباد وهذا اذا برئ وبقى أثره وان لم يبق له أثر لا يضمن لزوال الموجب.

وقال أبو يوسف: يلزمه صدقة للألم، ولو مات الصيد بعدما جرحه ضمن كله، لأن جرحه سبب لموته، فيحال به عليه ما لم يبرأ ولو غاب الصيد ولم يعلم أمات أم برئ ضمن نقصانه لأنه لزمه بالجرح فلا يسقط‍ عنه ولا يلزمه جميع القيمة بالاحتمال أو الشك، وهذا قياس.

وفى الاستحسان يلزمه جميع القيمة احتياطا لمعنى العبادة كمن أخذ صيدا فى الحرم فأرسله ولم يعلم دخوله فى الحرم، بخلاف الصيد المملوك (٣).

ويزيد الجزاء الواجب فى قتل السبع عن شاة (٤).

ولو أخذ المحرم صيدا فقتله محرم آخر وهو فى يده يضمن الآخذ والقاتل جميعا ويرجع آخذه على قاتله. أما وجوب الجزاء عليهما فلوجود الجناية منهما، لأن الآخذ


(١) سورة المائدة: ٩٥.
(٢) الزيلعى ج‍ ٢ ص ٦٣ الطبعة السابقة.
(٣) الزيلعى ج‍ ٢ ص ٦٣، ٦٤، ٦٥ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٦٦ الطبعة السابقة.