للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يعارض ولا يدعى أن له فيها حقا وليس بينهما شركة ثم ادعى أنها له فهذه الدعوى لا تسمع أصلا لأن العرف يكذبها ومن ذلك أن يدعى رجل على آخر أنه ابنه وليس يولد مثله لمثله اما مراعاة للسن واما مراعاة لعدم امكان حدوث التلاقى بين الرجل وأم الولد ومنها دعوى الغصب أو الافساد على رجل صالح لا ينسب اليه ذلك ولا يعرف بين الناس الا بالصلاح ومنها كل ادعاء لا يليق بأهل الدين والصلاح (١) وأما النوعان الآخران فالدعوى فيهما مقبولة.

وجاء فى نهاية المحتاج فى الفقه الشافعى ومن شروط‍ الدعوى ألا تنافيها دعوى أخرى ومن ذلك ألا يكذب المدعى أصل له فلو ثبت باقرار رجل أنه من سلالة العباس ابن عبد المطلب فادعى فرعه أنه من سلالة الحسين بن على لم تسمع دعواه ولا بينته (٢).

وجاء فى كشاف القناع فى الفقه الحنبلى أنه يشترط‍ فى الدعوى أن تنفك عما يكذبها فلو ادعى على شخص أنه قتل أو سرق منذ عشرين سنة وهو أقل من ذلك سنا لم تسمع ومن ذلك ما لو ادعى أن الأمير قد اشترى منه حزمة بقل وحملها بيده لم تسلع ولو ادعى أن المدعى عليه قتل أباه أو ابنه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة معه فى ذلك لم تسمع الدعوى الثانية الا أن يقول المدعى غلطت أو كذبت فى الدعوى الأولى فتقبل دعواه الثانية ومن أقر لزيد بشئ من دار أو كتاب ونحوه ثم ادعاه لنفسه لم تسمع الا أن يدعى أنه قد تلقى الملك منه (٣).

الثالث: أن يكون المدعى به ملزما للخصم بعد ثبوته فلا تسمع دعوى التوكيل على موكله الحاضر اذ يستطيع عزله وكذلك لا تسمع دعوى الهبة على الواهب مع مطالبته بتسليم الموهوب له عند الحنفية والشافعية والحنابلة لأن الهبة لا تلزم الواهب قبل الاقباض وله ألا يمضى فيها خلافا لمالك لذهابه الى الزام الواهب بها قبل القبض وانما لا تسمع دعوى الوكالة اذا كانت وكالة مجردة فى وجه موكل حاضر ولكن اذا جعلت سببا للمطالبة بحق وكان الموكل غائبا كأن جعلت أساسا للمطالبة باقتضاء دين وقبضه لموكل غائب على مدين حاضر فانها تسمع لالزامها المدين بالوفاء ومثل ذلك فى الحكم ما لو جعلت سببا لنفاذ عقد على موكل غائب ادعى أن العقد قد تم بناء على وكالة وهكذا (٤).

الرابع: ألا يكون شيئا تافها حقيرا ليس مما يتشاح فيه العقلاء كنواة تمر وحبة بر وما قيمته أقل من فلس لخروج ذلك عن أن يكون حقا متمولا والدعوى لا تكون الا بحق يستوجب مشاحة الناس وخصومتهم فيه كما يدل على ذلك تعريفها (٥).

وذهب الحنابلة الى أن الدعوى تسمع


(١) التبصرة ح‍ ١ ص ١٠٥.
(٢) نهاية المحتاج ح‍ ٨ ص ٣٢٦.
(٣) كشاف القناع ح‍ ٤ ص ٢٠٣.
(٤) التكملة ح‍ ١ ص ٢٩٢ والتبصرة ح‍ ١ ص ١٠١ والهندية ح‍ ٤ ص ٢٠.
(٥) التبصرة ح‍ ١ ص ١٠٢.