للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يضمن بالشك (١)، واختلفت أقوال المالكية فى حكم ما اذا ادعى شخص أن فلانا أرسله بشئ الى آخر ففعل ثم أنكر صاحب الشئ وقال أودعته، فقد ذكر الحطاب أن ملكا قال فى المدونة ومن أودعته وديعة فادعى أنك أمرته بدفعها الى فلان ففعل وأنكرت أنت أن تكون أمرته فهو ضامن الا أن تقوم له بينة أنك أمرته بذلك وفى المبسوط‍ عن الامام مالك: ان لم يشهد ربها عليها بها صدق الرسول انه أمره بذلك ويحلف، وفى كتاب ابن حبيب لعبد الملك: ان الرسول مصدق بكل حال سواء كان دينا أو صلة، وسواء أنكره القابض أو أقر به الا أن يقول له: اقض عنى فلانا دينه على فيضمن ان لم يشهد (٢)، ولو مات المودع - بفتح الدال - وادعى المودع - بكسر الدال - أنه انما أرسله وأمره بأن يدفعها الى فلان فانه يضمن ويحلف الورثة على العلم (٣)، وروى المواق (٤) أن مالكا قال لا يصدق واحد بدعواه الدفع الى من أرسل اليه الا ببينة ويصدق فى الرد الى الباعث بلا بينة لان الله أمر الاوصياء بالاشهاد بالدفع الى غير اليد التى أعطتهم وهم الايتام ولم يأمر بالاشهاد فى الرد الى اليد التى أعطتك لقوله تعالى: {(فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ)} (٥) فاذا ادعى الرسول انه أوصل ما أرسل به الى المرسل اليه ولكن المرسل اليه أنكر ذلك لم يصدق الرسول الا ببينة ولا يعمل بتصديق المودع لذلك الرسول على أنه أوصلها للمرسل اليه ويضمن ذلك المودع أيضا ان كان قد دفعها للرسول بغير اشهاد لأنه لما دفع لغير اليد التى ائتمنته كان عليه الاشهاد فلما تركه صار مفرطا وأما أن دفع له باشهاد فقد برئ ويرجع المرسل اليه على الرسول عند عدم البينة (٦)، وأما ان شرط‍ الرسول على من أرسله أن يكون الدفع للمرسل اليه بلا بينة فلا ضمان عليه اذا أنكر المرسل اليه، وانما يضمن المرسل للمرسل اليه حيث لم يشهد الرسول على الدفع (٧)، وجاء فى مواهب الجليل أن القاضى عبد الوهاب قال: ان الوكيل والمودع والرسول مؤتمنون فيما بينهم وبين الموكل والمودع والمرسل فاذا ذكروا أنهم ردوا ما دفع اليهم الى أربابه قبل ذلك منهم لأن أرباب الأموال قد أئتمنوهم على ذلك فكان قولهم مقبولا فيما بينهم (٨)، وفى


(١) التاج والاكليل للمواق ج ٥ ص ٢٥٩ الطبعة المتقدمة.
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء خليل لابى عبد الله محمد بن محمد المعروف بالحطاب ج ٥ ص ٢٥٩، ٢٦٠ الطبعة الاولى سنة ١٣٢٩ هـ‍
(٣) المرجع السابق ج ٥ ص ٢٦٠.
(٤) التاج والاكليل للمواق ج ٥ ص ٢١٠ الطبعة المتقدمة.
(٥) الآية رقم ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٦) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٣ ص ٤٢٦ الطبعة المتقدمة.
(٧) الشرح الكبير للدردير على هامش حاشية الدسوقى ج ٣ ص ٤٣٠، ٤٣١.
(٨) مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء خليل للحطاب ج ٥ ص ٢١٠ الطبعة المتقدمة.