للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به أو الصدى حل استعماله لقلة المموه فى الأولى فكأنه معدوم، ولعدم الخيلاء فى الثانية.

ثم أكد التعميم (١) فى إباحة آنية غير الذهب والفضة بقوله: ويحل استعمال واتخاذ النفيس كياقوت وزبرجد وبلور، وصرح بأن ما ضبب من أناء بفضة ضبة كبيرة حرم استعماله وأتخاذه أو صغيرة بقدر الحاجة فلا تحرم.

ويقول البجرمى: إن من الاستعمال المحرم أخذ ماء الورد منها لاستعماله ولو بصب غيره أو كان الذهب على البزبوز فقط‍. ثم قال: نعم، أن أخذ منه بشماله ثم وضع الماء فى يمينه واستعمله جاز مع حرمة الأخذ منه لأنه استعمال حينئذ، وذهب بعضهم الى عدم الحرمة.

والحنابلة ينصون على حرمة استعمال آنية الذهب والفضة دون خلاف عندهم، وعلل لذلك ابن قدامه (٢) بأنه يتضمن الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وعندهم خلاف فى صحة الوضوء والاغتسال من آنية الذهب والفضة، فيقول بعضهم تصح طهارته لأن فعل الطهارة وماءها لا يتعلق بشئ من ذلك ويقول بعضهم: لا تصح لأنه استعمل المحرم فى العبادة كالصلاة فى الأرض المغصوبة، وقالوا لو جعل آنية الذهب والفضة مصبا للوضوء ينفصل الماء عن أعضائه إليه صح الوضوء.

قال ابن قدامة: ويحتمل أن تكون ممنوعة لتحقق الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء.

وهم كالشافعية والمالكية يحرمون إتخاذ آنية الذهب والفضة لعلة أن ما حرم استعماله حرم اتخاذه. ويقولون فى المضبب بالذهب والفضة أن كان كثيرا فهو محرم بكل حال.

وأما اليسير من الذهب والفضة فأكثر الحنابلة (٣) على أنه لا يباح اليسير من الذهب إلا إذا دعت اليه ضرورة، وأما الفضة فيباح منها اليسير لما روى عن أنس أن قدح النبى صلى الله عليه وسلم إنكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. رواه البخارى. ولأن الحاجة تدعو إليه وليس فيه سرف ولا خيلاء قال القاضى «أبو يعلى» يباح ذلك مع الحاجة وعدمها إلا أن ما يستعمل من ذلك بذاته لا يباح كالحلقة وما لا يستعمل كالضبة يباح.

وقال أبو الخطاب لا يباح اليسير إلا لحاجة لأن الخبر ورد فى شعب القدح فى موضع الكسر، وهو لحاجة، ويفسرون الحاجة بأن تدعو حاجة الى ما فعله به وان كان غيره يقوم مقامه.

ثم صرح بأن سائر الآنية بعد ذلك مباح اتخاذا واستعمالا ولو كانت ثمينة كالياقوت والبلور، ولا يكره استعمال شئ منها فى قول العامة.

قال صاحب المغنى: إلا أنه روى عن ابن عمر أنه كره الوضوء من الصفر والنحاس والرصاص وما أشبه ذلك، وأختاره المقدسى لأن الماء يتغير فيها.

ويقول ابن حزم الظاهرى (٤): لا يحل الوضوء ولا الغسل ولا الشرب ولا الأكل


(١) الاقناع وحاشية البجرمى ج‍ ١ ص ١٠٤.
(٢) المغنى ج‍ ١ ص ٧٥، ٧٧.
(٣) المغنى ج‍ ١ ص ٧٨ طبعة دار المنار سنة ١٣٧٦.
(٤) المحلى ج‍ ١ ص ٣٩١ مطبعة الامام بالقاهرة.