للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون بكرا. فان كانت ثيبا فرضاها يعرف بالقول تارة وبالفعل أخرى. أما القول فهو التنصيص على الرضا وما يجرى مجراه نحو أن تقول رضيب أو أجزت أو نحو ذلك والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم «الثيب يعرب عنها لسانها».

وأما الفعل فنحو التمكين من نفسها والمطالبة بالمهر والنفقة ونحو ذلك لان ذلك دليل الرضا والرضا يثبت بالنص مرة - أى القول منها وبالدليل أخرى وهو الامارات الدالة على الرضا والاصل فيه ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لبريرة ان وطئك زوجك فلا خيار لك. ولو زوجها (١) أبوها فسكتت لم يكن سكوتها رضا بالنكاح لان الاصل فى السكوت أن لا يكون رضا لكونه محتملا فى نفسه وانما أقيم الرضا فى البكر لضرورة الحياء والثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة ولا ضرورة فى حق الثيب فلهذا لا يكتفى بسكوتها عند الاستئمار ولا اذا بلغها العقد.

ولا فرق (٢) بين كون المستأمر وليا أو أجنبيا أو وليا غيره أقرب منه فى اشتراط‍ الرضا بالقول ونحوه بالنسبة للثيب.

وان كانت بكرا (٣) فان رضاها يعرف بهذين الطريقين وبثالث وهو السكوت اذا لم يكن الذى باشر العقد أجنبيا أو وليا بعيدا مع وجود الاقرب وهذا استحسان.

لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «تستأمر النساء فى ابضاعهن فقالت عائشة رضى الله عنها ان البكر تستحى يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم اذنها صماتها وروى سكوتها رضاها وروى سكوتها اقرارها وكل ذلك نص فى الباب وروى البكر تستأمر فى نفسها فان سكتت فقد رضيت وهذا أيضا نص ولان البكر تستحى عن النطق بالاذن فى النكاح لما فيه من اظهار رغبتها فى الرجال فتنسب الى الوقاحة فلو لم يجعل سكوتها (٤) اذنا ورضا بالنكاح دلالة وشرط‍ نطقها وهى لا تنطق عادة لفاتت عليها مصالح النكاح مع حاجتها الى ذلك وهذا لا يجوز ..

والقياس ألا يعتبر السكوت رضا ولكن ترك القياس للنص.

وكذلك (٥) يكون سكوتها رضا اذا كان المستأمر رسول الولى لانه قائم مقامه فيكون سكوتها عند استئذانه رضا. وعن الكرخى يكفى سكوتها وان كان المستأمر أجنبيا لان استحياءها منه أكثر منه مع الولى.

والمراد (٦) بالسكوت السكوت الاختيارى


(١) المبسوط‍ ج‍ ٥ ص ١٠.
(٢) حاشية الطحطاوى على الدر المختار ج‍ ٢ ص ٣١.
(٣) بدائع الصنائع ٢ ص ٢٤١ وما بعدها.
(٤) بدائع الصنائع ج‍ ٢ ص ٢٤١ وما بعدها.
(٥) الفتح على الهداية ج‍ ٢ ص ٣٩٩.
(٦) الفتح على الهداية ج‍ ٢ ص ٣٩٨.