للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاشتراك أى أنه مشترك بينهما فيتوقف الى ظهور القرنية المعينة لهذا أو ذاك، ويقول الحنفية أن القائلين بالوقف والاشتراك يوافقونهم فى أن الاستثناء راجع الى الجملة الاخيرة والتوقف انما هو فى شموله لما عداها من الجمل ولكن لعدم الدليل على الشمول عندهم وللدليل على عدم الشمول عند الحنفية.

ولكن جاء فى المستصفى للغزالى - وهو من القائلين بالوقف .. وأن لم يكن بد من رفع التوقف فمذهب المعممين أولى لان الواو ظاهرة فى العطف، وذلك يوجب نوعا من الاتحاد بين المعطوف والمعطوف عليه، ولكن الواو محتملة أيضا للابتداء كقوله تعالى {(لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ١ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى)} وقوله {(فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ ٢ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ)} وذهب القاضى عبد الجبار وأبو الحسين المعتزلى وبعض المعتزلة الى التفصيل فقالوا: ان ظهر استقلال الجملة الثانية عن الاولى بأن كان الشروع فى الجملة الثانية اضرابا عن الاولى ولا يضمر فيها شئ مما فى الاولى فالاستثناء مختص بالجملة الاخيرة لان الظاهر أنه لم ينتقل عن الجملة الاولى مع استقلالها بنفسها الى غيرها الا وقد تم مقصوده منها. وذلك على أربعة أقسام:

القسم الأول: أن تختلف الجملتان نوعا كما لو قال: أكرم بنى تميم، والنحاة البصريون ألا البغاددة، اذ الجملة الاولى أمر والثانية خبر.

القسم الثانى: أن تتحد الجملتان نوعا وتختلفا اسما وحكما كما لو قال (أكرم بنى تميم وأضرب ربيعة ألا الطوال) اذ هما أمران ولكن الاسم مختلف بنى تميم وربيعة وكذا الحكم الاكرام والضرب.

القسم الثالث: ان تتحدا نوعا وتشتركا حكما لا اسما كما لو قال - سلم على بنى تميم، وسلم على بنى ربيعة الا الطوال.

القسم الرابع: أن تتحدا نوعا وتشتركا اسما لا حكما كما لو قال (سلم على بنى تميم واستأجر بنى تميم الا الطوال) ففى كل هذه الاقسام يختص الاستثناء بالجملة الاخيرة، وهى فى قوة اقتضائها هذا الاختصاص على الترتيب المذكور، عدا الرابع فانه مع الثالث فى مرتبة واحدة أما اذا لم يظهر استقلال الجملة الثانية عن الاولى بأن لم تكن اضرابا عنها بل لها بها نوع تعلق فان الاستثناء يرجع الى الكل، وذلك أيضا على أربعة أقسام:

القسم الاول: أن تتحد الجملتان نوعا واسما لا حكما ولكن الحكمين قد اشتركا فى غرض واحد، كما لو قال: (أكرم بنى تميم وسلم على بنى تميم ألا الطوال) فان الحكمين الاكرام والتسليم وان اختلفا الا انهما يشتركان فى غرض واحد وهو الاعظام.


(١) الاية رقم ٥ من سورة الحج.
(٢) الاية رقم ٢٤ من سورة الشورى.