القسم الثانى: أن تتحد الجملتان نوعا وتختلفا حكما، واسم الاول مضمر فى الثانية كما لو قال:(أكرم بنى تميم واستأجرهم وربيعة ألا الطوال).
القسم الثالث: أن تتحد الجملتان نوعا وتختلفا اسما - وحكم الاولى مقدر فى الثانية والغرض مشترك كما لو قال:(أكرم بنى تميم وربيعة ألا الطوال).
القسم الرابع: أن يختلف نوع الجمل المتعاقبة الا أنه قد أضمر فى الاخيرة ما تقدم أو كان غرض الاحكام المختلفة فيها واحدا كما فى قوله تعالى: {(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا .. )} فان الجملة الاولى - فاجلدوهم ثمانين جلدة - أمر، والثانية - ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا - نهى - والثالثة - وأولئك هم الفاسقون - خبر غير أن هذه الآية داخلة تحت القسم الاول من هذه الاقسام التى لم يظهر فيها استقلال الجملة الثانية عن الاولى، لاشتراك الاحكام فى الجمل الثلاثة، فى غرض الانتقام والاهانة - وداخله أيضا تحت القسم الثانى منها لاضمار الاسم المتقدم فيها كلها.
وهذا الرأى يوافق رأى الشافعية اذ مآله رجوع الاستثناء الى الجميع ألا لمانع وهذا ما يقوله الشافعية والفرق بينهما أن هؤلاء يقصرون المانع على ما ذكروه والشافعية يطلقون المانع ليشمل غير ما ذكر - فالخلاف بين القولين فى تعيين الموانع واختار الامدى فى الاحكام أنه متى ظهر أن الواو للابتداء فالاستثناء يكون مختصا بالجملة الاخيرة كما فى القسم الاول من الاقسام الاولى لعدم تعلق أحدى الجملتين بالاخرى وهو ظاهر وحيث أمكن أن تكون الواو للعطف كما فى باقى الاقسام السبعة فالواجب الوقف حتى تظهر القرينة أو الدليل المعين ..
احتج الشافعية والقائلون برجوع الاستثناء الى الجميع بما يأتى:
أولا: أن الكل متفقون على أنه لو قال:
(والله لا أكلت الطعام ولا دخلت الدار، ولا كلمت زيدا أن شاء الله). فأن الاستثناء فى قوله (أن شاء الله) يعود الى الجميع. فكذا فى قوله: أكرم بنى تميم وأهن بنى ربيعة ألا الطوال.
يجب أن يعود الى الجميع.
ثانيا: أن الاستثناء صالح أن يعود الى كل واحدة من الجمل وليس البعض أولى من البعض فوجب العود الى الجميع كالعام.
وثالثا: أنه لو قال: على خمسة وخمسة ألا ستة فأنه يصح ولو كان مختصا بالاخيرة لما صح لكونه مستغرقا لها.