للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما قعد قدر التشهد فقد تم ما التزم بالاقتداء لان تحريمته انعقدت على أن يؤدى ركعتين مع الامام وركعتين على سبيل الانفراد وقد فعل وأما المسافرون فلأنهم انتقلوا الى النفل بعد اكمال الفرض وهذا لا يمنع جواز الصلاة، وأما صلاة المقيمين ففاسدة لانهم لما قعدوا قدر التشهد فقد انقضت مدة اقتدائهم لانهم التزموا بالاقتداء به أن يصلوا الركعتين الاوليين مقتدين به والآخريين على سبيل الانفراد فاذا اقتدوا فيهما فقد اقتدوا فى حال وجوب الانفراد وخرجوا عما التزموا به ففسدت صلاتهم لذلك، وان لم يقعد الامام الثانى قدر التشهد فسدت صلاته وصلاة القوم كلهم لان القعدة صارت فرضا فى حق الامام الثانى لكونه خليفة الاول فاذا ترك القعدة فقد ترك ما هو فرض ففسدت صلاته وصلاة المسافرين لتركهم القعدة المفروضة أيضا ولفساد صلاة الامام وفسدت صلاة المقيمين بفساد صلاة امامهم أما متى يصير المستخلف اماما.

فقد جاء فى البدائع (١) ان الثانى يصير اماما ويخرج الاول عن الامامة بأحد أمرين اما بقيام الثانى مقام الاول ينوى صلاته أو بخروج الاول عن المسجد حتى لو استخلف رجلا وهو فى المسجد بعد ولم يقم الخليفة مقامه فهو على امامته حتى لو جاء رجل فاقتدى به صح اقتداؤه ولو أفسد الاول صلاته فسدت صلاتهم جميعا لان الاول كان اماما وانما يخرج عن الامامة بانتقالها الى غيره ضرورة أن الصلاة الواحدة لا يجتمع عليها امامان أو بخروجه عن المسجد لفوت شرط‍ صحة الاقتداء وهو اتحاد البقعة فاذا لم يتقدم غيره ولم يخرج من المسجد لم ينتقل والبقعة متحدة فبقى اماما فى نفسه كما كان.

وذكر ابن عابدين (٢) ان الثانى يصير خليفة اذا قدمه الامام أو أحد القوم أو تقدم بنفسه ثم قال وشرط‍ جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة قبل أن يخرج الامام من المسجد واذا نوى الخليفة الامامة من ساعته وخرج الامام من المسجد قبل أن يصل الخليفة الى المحراب لم تفسد صلاتهم لانه ما خلا المسجد عن الامام ثم قال ابن عابدين اذا تقدم أحد الى مقامه فقد خرج الاول عن الامامة وصار مقتديا بالخليفة سواء تجاوز المسجد أولا لانه خرج عن كونه اماما لهم وان لم يخرج من المسجد فلا يضرهم كلامه أو حدثه العمد واستشكل ذلك فى البحر بما ذكروا من أنه اذا استخلف لا يخرج الامام عن الامامة بمجرده ولهذا لو اقتدى به انسان من ساعته قبل الوضوء فانه صحيح على الصحيح كما فى المحيط‍ ولهذا قال فى الظهيرية والخانية أن الامام لو توضأ فى المسجد وخليفته قائم فى المحراب ولم يؤد ركنا فانه يتأخر الخليفة ويتقدم الامام ولو خرج الامام الاول من المسجد وتوضأ ثم رجع الى المسجد وخليفته لم يؤد ركنا


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٢٣٢ و ٢٣٣ الطبعة السابقة.
(٢) رد المحتار على الدر المختار ج ١ ص ٥٦٣ الطبعة السابقة.