للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالشئ الموهوب والزيادة ليست بموهوبة فلا رجوع فيها والفصل متعذر ليرجع فى الاصل دون الزيادة فامتنع أصلا وبطل حق الواهب لان له حق التملك فى الاصل دون الزيادة وحق الموهوب له حقيقة الملك فيهما فكان مراعاته أولى عند تعذر الفصل وكذلك لا يمكن ايجاب الضمان عليه لان حق التملك لا يجوز أخذ العوض عنه فبطل أصلا وانما يمنع البناء والغرس الرجوع اذا كان يوجب زيادة فى الارض فان كان لا يوجب زيادة فى الارض فلا يمنع الرجوع وان كان البناء أو الغرس يوجب الزيادة فى قطعة منها بأن كانت الارض كبيرة بحيث لا يعد مثله زيادة فيها كلها امتنع الرجوع فى تلك القطعة دون غيرها، ولو كانت الزيادة منفصلة كالولد فانه يرجع فى الاصل دون الزيادة لامكان الفصل وذكر فى المنتقى: لا يرجع فى الجارية الموهوبة اذا ولدت حتى يستغنى ولدها فلو حبلت ولم تلد فللواهب الرجوع فيها لانه نقصان والمراد بالزيادة المتصلة هو الزيادة فى نفس الموهوب بشئ يوجب زيادة فى القيمة كالخياطة والصبغ ونحو ذلك قال فى الشلبى فان قطعه ولم يخطه كان له أن يرجع فيه لان القطع يوجب نقصانا فى الثوب والنقصان لا يمنع الرجوع وان زاد من حيث السعر فله الرجوع لانه لا زيادة فى العين فلا يتضمن الرجوع ابطال حق الموهوب له وهو المانع وكذا اذا زاد فى نفسه من غير أن يزيد فى القيمة كما اذا طال الغلام الموهوب لانه نقصان فى الحقيقة فلا يمنع الرجوع، ولو نقله من مكان الى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج فيه الى مؤنة النقل وذكر فى المنتقى أنه عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله ينقطع الرجوع لان الرجوع يتضمن ابطال حق الموهوب له فى الكراء ومؤنة النقل فبطل، وعند أبى يوسف رحمه الله لا ينقطع حق الرجوع لان الزيادة لم تحصل فى العين فصار كزيادة السعر ولو وهب عبدا كافرا فأسلم فى يد الموهوب له أو عبدا حلال الدم فعفا ولى الجناية فى يد الموهوب له لا يرجع ولو كانت الجناية خطأ ففداه الموهوب له لا يمنع الرجوع ولا يسترد منه الفداء ولو علم الموهوب له العبد الموهوب القرآن أو الكتابة أو الصنعة لم يمتنع الرجوع لان هذه ليست بزيادة فى العين فأشبهت الزيادة فى السعر وفيه خلاف زفر (١).

الثانى من الامور التى تمنع استرداد الهبة: موت أحد المتعاقدين لانه بموت الموهوب له ينتقل الملك الى ورثته وهم لم يستفيدوه من جهة الواهب فلا يرجع عليهم كما اذا انتقل اليهم فى حال حياته، ولان تبدل الملك كتبدل العين فصار كعين أخرى فلا يكون له فيها سبيل وبموت الواهب يبطل خياره لانه وصف له وهو لا يورث كخيار الرؤية والشرط‍ أو هو مجرد حق وهو أيضا لا يورث.


(١) المرجع السابق ج ٥ ص ٩٨ الطبعة السابقة.