للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: حصول العوض فان قال خذه عوض هبتك أو بدلها أو بمقابلتها فقبضه الواهب سقط‍ الرجوع للحديث السابق ولان ثبوت الرجوع فى الهبة لخلل فى مقصوده وقد زال الخلل ولا بد من أن يذكر الموهوب له أن المدفوع عوض عن الهبة بأن يقول خذ هذا بدلا عنها أو ثوابها أو نحو ذلك مما ينبئ أنه عوض عنها لان حق الرجوع ثابت له ولا يسقط‍ الا بعوض يرضى به هو ولا يتم ذلك بدون رضاه ولو وهب للواهب شيئا ولم يذكر أنه عوض عنها كان هبة مبتدأة ولكل واحد منهما أن يرجع فى هبته وان استحق نصف الهبة رجع الموهوب له بنصف العوض لانه لم يدفع اليه الا ليسلم له الموهوب كله فاذا فات بعضه رجع عليه بقدره كغيره من المعاوضات بخلاف ما اذا استحق نصف العوض حيث لا يرجع الواهب بشئ حتى يرد ما بقى من العوض لان العوض ليس ببدل عنه حقيقة بدليل أنه يجوز أن يعوضه أقل من جنسه فى المقدرات ولو كان معاوضة لما جاز للربا ولهذا لو عوضه هذا القدر من الابتداء سقط‍ به حقه فى الرجوع الا أنه لم يرض بسقوط‍ حقه الا بسلامة كل العوض له فاذا لم يسلم له كله كان له الخيار ان شاء رضى بما بقى من العوض وان شاء رد الباقى عليه ورجع فى الهبة وقال زفر رحمه الله يرجع بنصف الهبة لان كل واحد منهما عوض عن الاخر فكما يرجع الموهوب له بنصف العوض عند استحقاق نصف الهبة فكذا يرجع الواهب أيضا بنصف الهبة عند استحقاق نصف العوض لانه حكم المعاوضة اذ هو يقتضى المساواة ولو عوض النصف رجع بما لم يعوض، يعنى اذا عوضه عن نصف الموهوب كان له أن يرجع فى النصف الاخر لان حقه فى الرجوع كان فى الكل فاذا عوضه عن بعضه امتنع الرجوع فى حقه وبقى حقه فى الباقى على ما كان.

الرابع من موانع الاسترداد: خروج الهبة عن ملك الموهوب له لان الاخراج عن ملكه وتمليكه لغيره حصل بتسليط‍ الواهب فلا يمكن من نقض ما تم من جهته ولان تبدل الملك كتبدل العين فصار كعين أخرى فلا يرجع فيها واذا بيع نصف الهبة يرجع الواهب فى النصف الباقى كأن لم يبع منها شئ فانه اذا لم يبع منها شئ كان له أن يرجع فى النصف ويترك النصف لان له حق الرجوع فى الكل فله أن يستوفيه ان شاء وان شاء استوفى نصفه وكذا له أن يترك الكل (١) ان شاء.

الخامس من موانع الاسترداد: الزوجية وقت الهبة وبالعكس وهو ما اذا وهب لزوجته ثم أبانها ليس له أن يرجع فى الهبة لان الزوجية نظير القرابة فيكون المقصود من الهبة الصلة والتواد


(١) الزيلعى وحاشية الشلبى عليه ج ٥ ص ٩٩، ١٠٠ الطبعة السابقة.