للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويملكهما الغاصب بضربهما دنانير أو دراهم أو أوانى وعلى الغاصب مثل ما غصب لان صنع الغاصب وقع استهلاكا لان المغصوب بالصياغة صار شئيا آخر وفوت بذلك على المالك بعض مقاصده وأجمعوا على أنه اذا سبكه ولم يصغه أو جعله مربعا أو مطولا أو مدورا أن له أن يسترده (١) ولا شئ عليه أما لو غصب صفرا أو نحاسا أو حديدا فضربه آنية فان كان يباع وزنا فهو على الخلاف الذى ذكر فى مسألة الذهب والفضة لانه لم يخرج بالضرب والصناعة عن حد الوزن وان كان يباع عددا فليس له أن يسترده بلا خلاف لانه خرج عن كونه موزونا بخلاف الذهب والفضة لان الوزن فيهما أصل ولا يتصور سقوطه أبدا (٢) ولو غصب لبنا أو آجرا أو ساجه فأدخلها فى بنائه فلا يملك المغصوب منه الاسترداد عندنا لان المغصوب بالادخال فى البناء والتركيب صار شيئا آخر غير الاول لاختلاف المنفعة اذ المطلوب من المركب غير المطلوب من المفرد فصار بها تبعا له فكان الادخال اهلاكا معنى فيوجب زوال ملك المغصوب منه ويصير ملكا للغاصب وذكر الكرخى رحمه الله أن موضوع مسألة الساجة ما اذا بنى الغاصب فى حوالى الساجة لا على الساجة، فأما اذا بنى على نفس الساجة لا يبطل ملك المالك بل ينقض البناء وهو اختيار الفقيه أبى جعفر الهندوانى لان البناء اذا لم يكن على نفس الساجة لم يكن الغاصب متعديا بالبناء لينقض ازالة للتعدى واذا كان البناء عليها كان متعديا على الساجة فيزال تعديه بالنقض والصحيح أن المسألة فيها خلاف ولو غصب ثوبا فقطعه ولم يخطه أو شاة فذبحها ولم يشوها ولا طبخها فلا ينقطع حق المالك اذ الذبح ليس باستهلاك بل هو تنقيص وتعييب فلا يوجب زوال الملك بل يوجب الخيار للمالك فيخير بين تضمين جميع قيمته ويترك له وبين تضمين نقصانه (٣) وأخذه وقيد خرق الثوب الذى يوجب التخيير بكونه فاحشا أما اذا كان الخرق يسيرا فان عليه ضمان نقصانه يعنى مع استرداد عينه وليس له - أى للمالك - غير ذلك لان العين قائمة من كل وجه وانما دخله عيب فنقص لذلك فكان له أن يضمنه النقصان ثم قال:

والحكم فى تخيير المالك فى الثوب الذى قطع انما هو اذا لم يجدد فيه الغاصب صنعة أما اذا جدد فيه صنعة بأن خاطه قميصا مثلا فانه ينقطع به حق المالك عنه عندنا - ذكره فى النهاية معزيا الى الذخيرة قال شمس الائمة السرخسى والحكم الذى ذكرنا فى الخرق فى الثوب من تخيير المالك اذا كان الخرق فاحشا هو الحكم فى كل عين من الاعيان الا فى


(١) البدائع ج ٧ ص ١٤٩ الطبعة السابقة والزيلعى ج ٥ ص ٢٢٨ الطبعة السابقة.
(٢) البدائع ج ٧ ص ١٤٩، ١٥٠ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق والزيلعى ج ٥ ص ٢٢٨، ٢٢٩ الطبعة السابقة.