للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاموال الربوية فان التعييب فيها فاحشا كان أو يسيرا يجعل لصاحبها الخيار بين أن يمسك العين ولا يرجع على الغاصب بشئ وبين أن يسلم العين ويضمنه مثله أو قيمته لان تضمين النقصان متعذر لانه يؤدى الى الربا ولو غصب أرضا فبنى عليها أو غرس فيها لا ينقطع ملك المالك عنها ويقال للغاصب اقلع البناء والغرس وردها فارغة لان الارض بحالها لم تتغير ولم تصر شيئا آخر فان كانت الارض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء والغرس مقلوعا ويكون له البناء والغرس لان الغاصب يتضرر بالمنع من التصرف فى ملك نفسه بالقلع والمالك أيضا يتضرر بنقصان ملكه فلزم رعاية الجانبين (١)، هذا اذا تغير المغصوب، بفعل الغاصب فان تغير المغصوب بغير فعل الغاصب بأن صار العنب زبيبا والخمر خلا بنفسه والحليب جبنا والرطب تمرا فالمالك بالخيار ان شاء أخذه وان شاء تركه (٢) وضمنه، وقد اختلف فى غصب ما لا ينقل كالعقار، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله أن غصب عقارا وهلك فى يده لم يضمنه وقال محمد وزفر رحمهما الله يضمن وهو قول أبى يوسف أولا (٣) وما نقص بسكناه وزراعته ضمن النقصان كما فى النقلى وهذا بالاجماع وعلى هذا لو ركب دابة الغير بغير اذنه ولم يسيرها حتى نزل ثم هلكت لم يضمن لعدم النقل وان تلفت بركوبه يضمن لوجود الاتلاف بفعله واختلفوا فى تفسير النقصان قال نصير بن يحيى: انه ينظر بكم تستأجر هذه الارض قبل الاستعمال وبعده فيضمن ما تفاوت بينهما من النقصان وقال محمد بن سلمه يعتبر ذلك بالشراء يعنى أنه ينظر بكم تباع قبل الاستعمال وبكم تباع بعده فنقصانها ما تفاوت من ذلك فيضمنه وهو الاقيس لان العبرة لقيمة العين دون المنفعة وذكر فى النهاية ان محمد بن سلمه رجع الى قول نصير ثم انما يضمن الغاصب النقصان اذا كان النقصان فى العين وكان غير ربوى لانه دخل جميع أجزائه فى ضمانه فيجب عليه ضمان قيمة ما تعذر رده من أجزائه كلا أو بعضا وان كان النقصان لتراجع السعر فلا يضمن اذا كان استرداد العين فى مكان الغصب لان ذلك لقلة الرغبات فيه لا لنقصان فى العين بفوت الجزء وان كان المغصوب ربويا لا يمكنه أن يضمنه النقصان مع استرداد العين لانه يؤدى الى الربا اذ الجودة لا قيمة لها فى الاموال الربوية ولكنه يخير بين أن يسترد العين ولا شئ له وبين أن يتركه على الغاصب ويضمنه مثله من جنسه أو قيمته من خلاف جنسه واذا غصب ثوبا فصبغه أو سويقا (٤) فلته بسمن فالمالك بالخيار أن شاء ضمنه قيمة


(١) البدائع ج ٧ ص ١٤٩ الطبعة السابقة.
(٢) الشلبى على الزيلعى ج ٥ ص ٢٢٦ الطبعة السابقة.
(٣) الزيلعى ج ٥ ص ٢٢٤ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج ٥ ص ٢٢٥.