للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو جز من الصوف أو حلب من اللبن فانه يرد ذلك كله مع ما اغتصبه لمستحقه وما أكل يرد المثل فى ماله مثل والقيمة فى مالا يقضى بمثله وليس له اتباع المستحق بما أنفق فى ذلك أو سقى أو عالج أو رعى ولكن له المقاصة بذلك فيما بيده من غلة لان عن عمله تكونت وان عجزت الغلة عنه لم يرجع على المستحق بشئ وهو قول اشهب وقال ابن القاسم لا شئ له أيضا فيما سقى أو عالج أو انفق وان كان ذلك سببا للغلة وقاله مالك وبه أخذ ابن المواز اذ ليس بعين قائمة ولا يقدر على أخذه ولا هو مما له قيمة بعد القلع فيرد وهو كما لو غصب مركبا خربا فأنفق فى قلفطته ومرمته وأطرافه وجوانحه ثم اغتل فيه غلة كثيرة فلربه أخذه مقلفطا مصلوحا بجميع غلته ولا غرم عليه فيما أنفق عليه الا مثل الصارى والارجل والحبال وما يؤخذ له ثمن اذا أخذ فللغاصب أخذه وان كان بموضع لا غنى عنه اذ لا يجد صاريا ولا أرجلا ولا أحبلا الا هذه أو لا يجد ذلك بموضع لا ينال حملها اليه الا بالمشقة والمؤنة العظيمة وهو ما لا بد منه مما يجرى به المركب حتى يرده الى موضعه فربه مخير بين أن يعطيه قيمة ذلك بموضعه كيفما كان أو يسلم ذلك اليه وقال فى المدونة كل ما لا منفعة فيه للغاصب بعد القلع كالجص والنقش فلا شئ له فيه وكذلك ما حفر من بئر وقال ابن رشد ان ما أحدثه الغاصب فى الشئ المغصوب على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك ان كان خرج مما له عين قائمة كالصبغ والنقض فى البنيان فان كان ذلك الشئ يمكن اعادته على حاله كالبقعة بينهما وما أشبه ذلك فالمغصوب منه مخير بين أن يأمر الغاصب باعادة البقعة على حالها وازالة ما فيها من نقض ان كان فيها نقض وبين أن يعطى الغاصب قيمة ماله فيها من النقض مقلوعا مطروحا بالارض بعد أجر القلع قاله ابن شعبان وابن المواز وهذا اذا كان الغاصب ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا بعبيده وانما يستأجر عليه وقيل انه لا يحط‍ من ذلك أجر القلع على مذهب ابن القاسم فى المدونة والى هذا ذهب ابن فرحون واعتل فى ذلك أن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أن يأخذه بالقيمة بعد الهدم وان لم يكن فى البنيان الذى بنى الغاصب ماله قيمة اذا قلعة لم يكن للغاصب على المغصوب منه شئ ويؤيده قول النبى صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم (١) حق ومن غصب منفعة فتلفت الذات قال ابن المواز قال ابن القاسم من سكن دارا غاصبا للسكنى فانهدمت من غير فعله فلا يضمن الا قيمة السكنى الا أن تنهدم من فعله وأما أن غصب رقبة الدار ضمن ما انهدم وكراء ما سكن قال ابن شاس لو قدم الغاصب الطعام الى مالكه فأكله مع الجهل بحاله فان الغاصب يبرأ من


(١) الحطاب ج‍ ٥ ص ٢٨٢ وما بعدها الطبعة السابقة.