للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرا كان أو أنثى، ويعتبر فى حق كل انسان ما يبلغه وما يليق بحاله عادة وعرفا، وتعتبر الاستطاعة فى الراحلة بقدرته عليها فى جميع الطريق سواء كان قادرا على المشى أولا، أما ان أمكنه أن يكترى مع غيره راحلة يتعاقبان ركوبها فلا يجب عليه الحج، لانه غير قادر على الراحلة، والقدرة على الزاد لا تثبت الا بالملك لا بالاباحة، كما لا تثبت القدرة على الراحلة الا بالملك أو الاجارة لا بالعارية والاباحة، فلو بذل الابن لابيه الطاعة وأباح له الزاد والراحلة لا يجب عليه الحج، وكذا لو وهب له مال ليحج به لا يجب عليه القبول.

واشتراط‍ القدرة على الزاد عام فى حق كل أحد حتى أهل مكة وأما القدرة على الراحلة فشرط‍ فى حق غير المكى وأما هو فلا، ومن حولها كأهلها لانه لا يلحقهم مشقة فأشبه الحج بالنسبة لهم السعى الى الجمعة. أما اذا كان لا يستطيع المشى أصلا فلا بد منه فى حق الكل.

ولا تسقط‍ الاستطاعة بدار يسكنها وعبد يستخدمه وثياب يلبسها ومتاع يحتاج اليه، أما ان كانت له دار لا يسكنها وعبد لا يستخدمه فعليه أن يبيعه ويحج، بخلاف ما اذا كان سكنه وهو كبير يفضل عنه حتى يمكنه بيعه والاكتفاء بما دونه ببعض ثمنه، ويحج بالفضل فانه لا يجب بيعه كما لا يجب بيع مسكنه والاقتصار على السكنى بالاجارة اتفاقا، ولو لم يكن له مسكن ولا خادم وعنده مال يبلغ ثمن ذلك ولا يبقى بعده قدر ما يحج به فانه لا يجب عليه الحج لان هذا المال مشغول بالحاجة الاصلية اليه ولا بد أن يفضل رأس مال التجارة ان كان تاجرا وكذا الدهقان (١) والمزارع، ورأس المال يختلف باختلاف الناس.

والقدرة على الزاد والراحلة تكون بما فضل عن مسكنه وما لا بد له منه.

ونفقة ذهابه وايابه وعياله، والمراد بالعيال من تلزمه نفقته، ويدخل فى نفقة عياله سكناهم وكسوتهم وأن يكون مالكا لذلك فى أشهر الحج حتى لو ملك ما به الاستطاعة قبلها كان فى سعة من صرفها الى غيره (٢).

وجاء فى حاشية ابن عابدين (٣): أن سلامة البدن وأمن الطريق والمحرم من شروط‍ الاداء كما أنهم اعتبروا اشتراط‍ القدرة فى أشهر الحج شرطا غير شرط‍ الاستطاعة مما يجعل الاستطاعة قاصرة على الزاد والراحلة دون غيرهما.


(١) رئيس الفلاحين «ورئيس الاقليم» ترتيب القاموس ج‍ ٢ ص ٢٠٩.
(٢) فتح القدير للامام كمال الدين المعروف بابن الهمام وبهامشه شرح العناية على الهداية ج‍ ٢ ص ١٢٦ وما بعدها الطبعة الأولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٥ هـ‍.
(٣) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ج‍ ٢ ص ١٩٣.