للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدليل ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطاعة فقال صلّى الله عليه وسلّم هى الزاد والراحلة.

فالنبى صلّى الله عليه وسلّم فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة، وللاعمى هذه الاستطاعة فيجب عليه الحج لان الاعمى لا يهتدى الى الطريق بنفسه، ويهتدى بالقائد فيجب عليه بخلاف الزمن والمقعد ومقطوع اليد والرجل لان هؤلاء لا يقدرون على الاداء بأنفسهم.

ووجه رواية الحسن فى الزمن والمقعد أنهما يقدران بغيرهما والقدرة بالغير كافية كالقدرة بالزاد والراحلة.

ووجه رواية الاصل لابى حنيفة رحمه الله تعالى أن الاعمى لا يقدر على أداء الحج بنفسه ولا يقدر على ما لا بد منه فى الطريق بنفسه من الركوب والنزول وغير ذلك وكذا الزمن والمقعد فلم يكونا قادرين على الاداء بأنفسهم بل بقدرة غير مختارة فلم تثبت الاستطاعة على الاطلاق، ولهذا لم يجب الحج على الشيخ الكبير الذى لا يستمسك على الراحلة وان كان ثمة غيره يمسكه.

وانما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بالزاد والراحلة لكونهما من الاسباب الموصلة الى الحج لا لاقتصار الاستطاعة عليهما بل للتنبيه على أسباب الامكان فكلما كان من أسباب الامكان يدخل تحت تفسير الاستطاعة معنى، ولان فى ايجاب الحج على الاعمى والزمن والمقعد والمفلوج والمريض والشيخ الكبير الذى لا يثبت على الراحلة حرجا بينا ومشقة شديدة وقد قال الله عز وجل «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (١) الآية.

ثم قال الكاسانى (٢) فى موضع آخر ومن شرائط‍ فرضية الحج أمن الطريق، وأنه من شرائط‍ الوجوب بمنزلة الزاد والراحلة على الصحيح، لان الله عز وجل شرط‍ الاستطاعة، ولا استطاعة بدون أمن الطريق، كما لا استطاعة بدون الزاد والراحلة، وبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الاستطاعة بالزاد والراحلة انما هو بيان كفاية ليستدل بالمنصوص عليه على غيره لاستوائهما فى المعنى، وهو امكان الوصول الى البيت، ألا ترى أنه كما لم يذكر أمن الطريق لم يذكر صحة الجوارح وزوال سائر الموانع الحسية فكان شرط‍ الزاد والراحلة شرطا لا من الطريق ضرورة.

ثم قال الكاسانى فى موضع آخر (٣):

والذى يخص النساء: أن يكون مع المرأة زوجها، أو محرم لها - والمحرم هو أن يكون ممن لا يجوز له نكاحها على التأييد


(١) الاية رقم ٧٨ من سورة الحج.
(٢) كتاب بدائع الصنائع ج‍ ٢ ص ١٢٣ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١٢٣ الطبعة السابقة.