للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها، لان ذلك ميل مع أحدهما، وان سأله بأى شئ تندفع دعوى كذا وكذا وبينة كذا وكذا لم يجب، لئلا يتوصل السائل بذلك الى ابطال حق، وله أن يسأله عن حاله فيما ادعى عليه فاذا شرحه المستفتى له: أى للمفتى عرفه بما فيه من دافع وغير دافع، ليكون على بصيرة.

ويحرم الحكم والفتيا بقول أو وجه من غير نظر فى الترجيح اجماعا، ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه اجماعا.

ثم قال: (١) للمفتى أخذ الرزق من بيت المال لان الافتاء من المصالح العامة كالاذان، ولو تعين عليه أن يفتى ولا كفاية (أى ليس عنده ما يكفيه) لم يأخذ من المستفتى، لانه اعتياض عن واجب عليه ولا يجوز، ومن أخذ رزقا من بيت المال لم يأخذ من المستفتى أجرة فتياه ولا لحظه لاستغنائه بالرزق والا. أى وان لم يأخذ رزقا أخذ أجرة حظه فقط‍.

ويجب على الامام أن يفرض من بيت المال لمن نصب نفسه لتدريس العلم والفتوى فى الاحكام ما يغنيه عن التكسب لدعاء الحاجة الى القيام بذلك (أى اقتضائها) والانقطاع له وهو فى معنى الامامة والقضاء، وان جعل له - أى

للمفتى أهل بلد رزقا ويتفرغ له جاز له أخذه.

وجاء فى الاقناع (٢) ولا يجوز أن يفتى فيما يتعلق باللفظ‍ بما اعتاده هو من فهم تلك الالفاظ‍ دون أن يعرف عرف أهلها والمتكلمين بها، بل يحملها على ما اعتادوه وعرفوه وان كان مخالفا لحقائقها الاصلية، واذا اعتدل عنده قولان من غير ترجيح فقال القاضى: يفتى بأيهما شاء.

وفى كشاف القناع أيضا: (٣) لا ينبغى للرجل أن يعرض نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصائل.

احداها: أن تكون له نية، أى أن يخلص فى ذلك لله تعالى، ولا يقصد رياسة ولا نحوها، فان لم تكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور، اذ الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.

الثانية: أن يكون له حلم ووقار وسكينة، والا لم يتمكن من فعل ما تصدى له من بيان الاحكام الشرعية.

الثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته، والا فقد عرض نفسه لعظيم.


(١) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١٧٦، ١٧٧ الطبعة السابقة.
(٢) الاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل لشرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج‍ ٤ ص ٣٧٤ طبع المطبعة المصرية بالأزهر سنة ١٣٥١ هـ‍.
(٣) كشاف القناع مع هامش منتهى الارادات ج‍ ٤ ص ١٧٥، ١٧٦ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج‍ ٤ ص ٣٧٠، ٣٧١ الطبعة السابقة.