الرابعة: الكفاية، والا بغضه الناس فانه اذا لم تكن له كفاية احتاج الى الناس والى الاخذ مما فى أيديهم فيتضررون منه.
الخامسة: معرفة الناس: أى ينبغى للمفتى أن يكون بصيرا بمكر الناس وخداعهم، ولا ينبغى له أن يحسن الظن بهم، بل يكون حذرا فطنا مما يصورونه فى سؤالاتهم، لئلا يوقعوه فى المكروه.
ويؤيده حديث «احترسوا من الناس بسوء الظن» وخبر: أخوك البكرى ولا تأمنه وقد روى عن مالك أنه قال: ما أفتيت حتى شهد لى سبعون أنى أهل لذلك، وفى رواية ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم منى هل ترانى موضعا لذلك، قال مالك: ولا ينبغى لرجل أن يرى نفسه أهلا لشئ حتى يسأل من هو أعلم منه.
ويحرم أن يفتى فى حال لا يجوز أن يحكم فيها كغضب ونحوه، كحر مفرط وبرد مفرط، وعلل ونحوه مما يغير الفكر، فان أفتى فى ذلك الحال وأصاب الحق صح جوابه وكره.
وتصح فتوى العبد والمرأة والامى والاخرس المفهوم الاشارة أو الكتابة كخبرهم، وتصح الفتيا مع أخذ النفع ودفع الضرر ومن العدو، وأن يفتى أباه وأمه وشريكه وسائر من لا تقبل شهادته له كزوجته ومكاتبته، لان القصد بيان الحكم الشرعى وهو لا يختلف، وليس منه الزام بخلاف الحاكم، ولا تصح الفتيا من فاسق لغيره وان كان مجتهدا، لانه ليس بأمين على ما يقول.
وفى أعلام الموقعين: قلت الصواب جواز استفتاء الفاسق الا أن يكون معلنا بفسقه داعيا الى بدعته لكن يفتى المجتهد الفاسق نفسه لانه لا يتهم بالنسبة الى نفسه ولا يسأله غيره لعدم حصول المقصود والوثوق به ولا تصح الفتيا من مستور الحال.
وفى المبدع: تصح فتيا مستور الحال فى الاصح، والحاكم كغيره فى الفتيا فيما يتعلق بالقضاء وغيره.
ويحرم تساهل مفت فى الفتيا، وتقليد معروف به، أى بالتساهل فى الفتيا.
قال الشيخ لا يجوز استفتاء الا من يفتى بعلم أو عدل، لان أمر الفتيا خطر فينبغى أن يحتاط.
وليس لمن انتسب الى مذهب امام اذا استفتى فى مسألة ذات قولين أو وجهين أن يتخير ويعمل بأيهما شاء، بل يراعى ألفاظ امامه ومتأخرها وأقربها من الكتاب والسنة.
ويلزم المفتى تكرير النظر عند تكرار الواقعة، كالمجتهد فى القبلة يجتهد لكل صلاة.