وعسر الخطب فى هذا الزمان مع كثرة الوسائط ولا يزال الامر يزداد شدة بتعاقب الاعصار.
فهذه هى العلوم الثمانية التى يستفاد بها منصب الاجتهاد.
ومعظم ذلك يشتمل عليه ثلاثة فنون علم الحديث وعلم اللغة وعلم أصول الفقه.
فأما الكلام وتفاريع الفقه فلا حاجة اليهما وكيف يحتاج الى تفاريع الفقه وهذه التفاريع يولدها المجتهدون ويحكمون فيها بعد حيازة منصب الاجتهاد.
فكيف تكون شرطا فى منصب الاجتهاد وتقدم الاجتهاد عليها شرط.
نعم انما يحصل منصب الاجتهاد فى زماننا بممارسته فهو طريق تحصيل الدربة فى هذا الزمان ولم يكن الطريق فى زمان الصحابة ذلك ويمكن الآن سلوك طريق الصحابة أيضا.
وهذه (دقيقة) فى التخفيف يغفل عنها الاكثرون.
اجتماع هذه العلوم الثمانية انما يشترط فى حق المجتهد المطلق الذى يفتى فى جميع الشرع وليس الاجتهاد عندى منصبا لا يتجزأ بل يجوز أن يقال للعالم بمنصب الاجتهاد فى بعض الاحكام دون بعض فمن عرف طريق النظر القياسى فله أن يفتى فى مسألة قياسية وان لم يكن ماهرا فى علم الحديث فمن ينظر فى المسألة المشتركة يكفيه أن يكون فقيه النفس عارفا بأصول الفرائض ومعانيها وان لم يكن قد حصل الاخبار التى وردت فى مسألة تحريم المسكرات أو فى مسألة النكاح بلا ولى فلا استمداد لنظر هذه المسألة منها ولا تعلق لتلك الاحاديث بها فمن أين تصير الغفلة عنها أو القصور عن معرفتها نقصا ومن عرف أحاديث قتل المسلم بالذمى وطريق التصرف فيه فما يضره قصوره عن علم النحو الذى يعرف قوله تعالى «وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ»(١) وقس عليه ما فى معناه.
وليس من شرط المفتى أن يجيب عن كل مسألة فقد سئل مالك رحمه الله عن أربعين مسألة فقال فى ست وثلاثين منها لا أدرى وكم توقف الشافعى رحمه الله بل الصحابة فى المسائل.
فاذن لا يشترط الا أن يكون على بصيرة فيما يفنى فيفتى فيما يدرى ويدرى أنه يدرى ويميز بين ما لا يدرى وبين ما يدرى فيتوقف فيما لا يدرى ويفتى فيما يدرى.
وأما المجتهد فيه فهو كل حكم شرعى ليس فيه دليل قطعى واحترزنا بالشرعى